237
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

اختلاف في الحكم من جهة الحديث بأن يكون في يد كلّ منهما حديث يخالف لما في يد الآخر ، وجب على المدّعيين ـ إن كانا قادرين ـ أو على ثالثٍ يرجعان إليه اعتبارُ وجوهات الترجيح المذكورةِ على الترتيب ، وأيّ مرتبة استقرّت ولم يستدع المرتبة الاُخرى كان الحكم في تلك المرتبة من الاُمور البيّن رشدها ، الواجب اتّباعها .
وقال الشهيد ـ طاب ثراه ـ في مقدّمة كتاب الذكرى بعد ذكر هذا الحديث ووصفِه بالمقبول : «والمقبول ما تلقّوه بالقبول والعمل بالمظنون». ۱
ثمّ إنّ المراد مجرّد ذكر الوجوه ، والترتيبُ الذكري نشأ من سؤال السائل . وكلام المصنّف قدس سره في الخطبة يُشعر بحمله على ذلك ، وإطلاق أخبار العرض على الكتاب كما ستسمع وعدم التقييد بالمرتبة ، وكذا إطلاق أخبار الأخذ بما خالف أهل الخلاف ، وكذا الأمر بأخذ المجمع عليه وترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، وكذا وجود وجوه اُخرى للترجيح سوى التي في الخبر باتّفاق أهل العلم ؛ كلّ ذلك من الشواهد على عدم تعيّن الترتيب .
فإن قلت : كيف يتأتّى القول بجواز الترجيح بغير ما في الخبر ، مع أنّ المصنّف قال في الخطبة : «إنّه لا يجوز تمييز شيء ممّا اختلفت الرواية فيه إلّا على ما أطلقه العالم عليه السلام بقوله» إلى آخره .
قلت : الحصر إضافي ، والمقصود الردّ على أصحاب الرأي الذين مناط الردّ والقبول والفتوى والعمل عندهم الهوى وميل النفس ، كما نقل ابن الأثير صاحب النهاية في (ع ر س) : أنّ إمامهم وقائدهم نهى عن متعة الحجّ ، وقال : «قد علمت أنّ رسول اللّه فعله ، ولكنّي كرهت أن يظلّوا بها مُعْرِسين ، أي مُلِمِّين بنسائهم» . ۲
ومن وجوه الترجيح ـ التي لم تكن معمولة بين قدمائنا ، بل بناؤها على ما اصطلح عليه المتأخّرون ـ ملاحظةُ مراتب السند؛ فما كان سنده ضعيفا بالاصطلاح الجديد ـ وإن كان صحيحا عند الكليني والصدوق بالاصطلاح القديم ـ لا يُعمل به ، وما كان

1.ذكرى الشيعة ، ج ۱ ، ص ۴۸ .

2.النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۰۶ (عرس) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
236

قوله : ([وميّتُهم في النار] مُبْلَسٌ) .] ح ۷ / ۱۸۹]
في سورة الأنعام : «فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ»۱ . قال القاضي : «متحسّرين آيسين» . ۲

باب اختلاف الحديث

قوله : (عن عمر بن حنظلة) .] ح ۱۰ / ۲۰۲]
هذا الخبر من أوثق الأخبار وأشهرها ؛ حيث أورده المحمّدون الثلاثة أجمعون بأدنى تفاوت في العبارة ، أمّا المصنّف فهاهنا ۳ ، وأمّا الصدوق ففي أوّل كتاب القصاص من الفقيه ۴ ، وأمّا شيخ الطائفة ففي باب الزيادات في القضايا والأحكام ، ۵ ونقله صاحب كتاب الاحتجاج . ۶
وفيه تصريح بوجوب القبول عن الفقيه الورع ، الناظر في الحلال والحرام ، المتتبّع لأخبار الأئمّة عليهم السلام بدون أن يُطلب منه مأخذ الحكم، لكن إذا اعتقدا فيه الصفاتِ المذكورةَ من النظر والتدبّر في مآخذ الأحكام من الكتاب والسنّة ، ومعرفة الخاصّ والعامّ ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، ووجوهَ الدلالات اللفظيّة بتفصيلٍ مذكور في الكتب المدوّنة لذلك ؛ وكلّ هذا مستفاد من قوله عليه السلام : «ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» .
ويُعبَّر عن مثل هذا بالمجتهد الجامع لشرائط الفتوى ، فإذا اتّفق المدّعيان على رجل معتقدَيْن بأنّه بهذه الصفة وجب أن يقفا على ما حكم عليهما ؛ فإنّه حاكم من قِبَل الأئمّة عليهم السلام ، فإن لم يوجد الرجل الموصوف في العصر ، أو لم يتّفق الاتّفاق على واحد ، واختار كلٌّ منهما رجلاً من أصحابنا ، فرضيا أن يكونا الناظرَيْن في حقّهما ، ووقع بينهما

1.الأنعام (۶) : ۴۴ .

2.أنوار التنزيل للبيضاوي ، ج ۲ ، ص ۴۰۹ .

3.وأورده أيضا في الكافي ، ج ۷ ، ص ۴۱۲ ، باب كراهيّة الارتفاع إلى قضاة الجور ، ح ۵ .

4.الفقيه ، ج ۳ ، ص ۸ ، ح ۳۲۳۳ .

5.تهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۳۰۱ ، ح ۸۴۵ .

6.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۳۵۵ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103461
صفحه از 637
پرینت  ارسال به