239
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وسيجيء في باب الجبائر عن عبدالأعلى، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : عثرت فانقطع ظُفُري ، فجلعت على إصبعي مرارةً ، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : «تعرف هذا وأشباهُه من كتاب اللّه عزّوجلّ : «مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»۱ امسح عليه» . ۲
وفي باب الماء الذي فيه قلّة، عن محمّد بن الميسّر، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه ، وليس معه إناء يغرف به ، ويداه قذرتان ، قال : «يضع يده ثمّ يتوضّأ ويغتسل ؛ هذا ممّا قال اللّه عزّوجلّ : «مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» » ۳ .
وفي التهذيب في باب ما أحلَّ اللّه من النساء بعد ذكر خبرين :
فهذان الخبران قد وردا شاذّين مخالفين لظاهر كتاب اللّه عزّوجلّ ، وكلّ حديث ورد هذا المورد؛ فإنّه لايجوز العمل عليه ؛ لأنّه روي عن النبيّ وعن الأئمّة عليهم السلام : «إذا جاءكم عنّا حديث فاعرضوه على كتاب اللّه ، فما وافَقَ كتاب اللّه فخذوه ، وما خالفه فاطرحوه ، أو ردّوه علينا» .
وهذان الخبران مخالفان ـ على ما ترى ـ لظاهر كتاب اللّه والأخبار المسندة أيضا المتّصلة ۴ ، وما هذا حكمه لا يجوز العمل به . ۵
وفي كتاب الاحتجاج : أنّ يحيى بن أكتم قال لأبي جعفر عليه السلام : ما تقول يابن رسول اللّه في الخبر الذي روي أنّ جبرئيل عليه السلام نزل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : إنّ اللّه يقرئك السلام ويقول : سل أبا بكر هل هو عنّي راض، فإنّي عنه راض؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : «لست بمنكرٍ فضلَ أبي بكر ، لكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول اللّه صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع : قد كذب عليَّ الكذّابة وستكثر، فمن كذب عليَّ متعمِّدا فليتبوّأ مقعدَه من النار ، فإذا أتاكم الحديث [عنّي] فاعرضوه على كتاب اللّه وسنّتي ، فما

1.الحج (۲۲) : ۷۸ .

2.الكافي ، ج ۳ ، ص ۳۳ ، باب الجبائر والقروح والجراحات ، ح ۴ .

3.الكافي ، ج ۳ ، ص ۴ ، باب الماء الذي تكون فيه قلّة و ... ، ح ۲ .

4.في المصدر : «المفصّلة» .

5.تهذيب الأحكام ، ج ۷ ، ص ۲۷۵ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
238

صحيحا يرجَّح على غيره ، وما كان حسنا يرجّح على ما كان موثّقا أو بالعكس ، إلى غير ذلك من الاعتبارات التي في كتب الدراية والاُصول .
وتمام الكلام في هذا الباب في كتاب مشرق الشمسين ۱ للشيخ الأجلّ بهاء الملّة والدِّين العاملي ـ قدّس اللّه روحه ـ من أراد فليرجع إليه ؛ هذا .
ثمّ إنّ المراد بالكتاب والسنّة المعروض عليهما هو الظاهر المظنون المراد بالأمارات التي ثبت اعتبارها ، كالأخبار المتداولة بين فقهاء أصحاب الأئمّة عليهم السلام كزرارة ومحمّد بن مسلم وأبان بن تغلب وأضرابهم ، أو مجرّد الفتاوى المعمولة بينهم ؛ لتواتر أنّهم لم يكونوا يفتون ويعملون إلّا بما سمعوا من أئمّتهم عليهم السلام ، ولأجل ذلك ترى المتأخّرين ـ رضوان اللّه عليهم ـ يُجرون فتوى عليّ بن بابويه مجرى الأثر معلّلين بأنّه معلوم من حاله أنّ فتاواه متون الأخبار ، فالغرض من العرض على الكتاب والسنّة تحصيل اطمئنان بصدق المعروض ، لا اليقينُ والقطع ، كما فيما إذا كان المعروض عليه هو النصَّ ، أي المقطوع بمراد الشارع به إمّا من جهة كونه من ضروريّات الدِّين ، كإرادة الأركان المخصوصة بآية «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ» وإخراج مال مخصوص بآية «وَآتُوا الزَّكَاةَ» ، أو من جهة ورود خبر مقطوع به في تفسيره ، إلى غير ذلك .
ولو كان المعروض عليه النصَّ ، كانَ الموافق له معلومَ الحقّية ، والمخالفُ له معلومَ البطلان ، وسيجيء في باب الكتمان من كتاب الإيمان والكفر في جملة حديث : «فإذا جاءكم عنّا حديث ، فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب اللّه ، فخذوا به ، وإلّا فقفوا عنده ، ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم» . ۲
ومعلوم أنّ هذه العبارةَ لا تُقال في مقام الأمر بتحصيل اليقين بالخبر المعروض ، بل في مقام الأمر بتحصيل اطمئنانٍ وسكونِ نفس، كما لايخفى على من له دَرْيَة بأساليب الكلام .

1.مشرق الشمسين ، ص ۲۶۹ ـ ۲۷۰ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۲۲ ، باب الكتمان ، ح ۴ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103594
صفحه از 637
پرینت  ارسال به