الكتاب ما لم يجعله اللّه لهم» الحديث . ۱
فما كان من القسم الأوّل ، فهو من ضروريّات الدين لا يمكن أن ينقل حديث على خلافه ، والذي في عرضة العرض هو القسم الثاني ، فإذا توافق المعروض والمعروض عليه شهد كلٌّ منهما لصاحبه ، واطمئنّ القلب ، وسكنت النفس .
وممّا يشهد على ما قلنا ما سبق من قوله عليه السلام : «فإذا وجدتم له شاهدا أو شاهدين من كتاب اللّه » إلى آخره ، والمأمورون بالعرض هم النقّادون ذوو التمييز ، لا الطبقة السفلى من العوامّ .
وإذا أحطت بما تلونا علمتَ أنّ ما ذهب إليه المصنّف قدس سره ليس بعيدا كلَّ البُعد ، وإن كان الأولى استزادة الوثوق بصدق متضمّن الخبر من أيّ جهةٍ كان بقدر الإمكان ما لم يزاحم تلك الاستزادةُ تحصيلَ الواجبات العقليّة والمعارف اليقينيّة ، والعملَ بما عُلم؛ فإنّي أرى كثيرا منهم يصرفون جميع الأوقات في الفرعيّات ، ويتعمّقون فيما لا يكاد يحتاج إليه أحد طولَ عمره ، مثل الأقارير والوصايا المبهمة والحيل في البيوع وأمثال هذه ، ويتسمّون بالفقيه والمجتهد على الإطلاق ، والنائب العامّ ، والحاكم بالاستحقاق ، فإذا سُئلوا عن الواجبات العقليّة من مسائل التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة لم يرتقوا عن درجة العوامّ ، وجعلوا النهي عن البحث والتفتيش جُنّةً عن سهام الإلزام ، ولم يعلموا أنّ الزمان زمان فترة ، وأهمّ الاُمور فيه تحصيل اليقين باُصول الدِّين، والعمل بما عُلم ليُفيض اللّه تعالى علم ما لم يُعلم ، والتضرّع إليه تعالى ليكمل عقله ، وترك التدبيرات الدقيقة للتوسّع في الرزق الموجبة لشغل القلب وحرمان العرفان ؛ فإنّ هموم الدنيا غيومُ وجهِ شمس العقل؛
چون بتابد با هجوم اين همومبر دلت از عقل انوار علوم
ولم يعلموا أنّ أكثر الفروع قد اشتبهت بسبب تغلّب أئمّة الجور ، وغيبة وليّ الأمر وصاحب العصر ، فيتسامح فيها ، ويغتفر عدم إصابة الحكم الواقعي إذا كان ذلك من