283
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ولقد أحسن من قال :

كارگاهى بچنين نظم و نسقكار يك كارگزارست اَلحق
ولمّا كان المقام مظنّةَ أن يتوهّم الخصم وجود قديمين متّفقين من كلّ جهة حتّى في التعيّن والتشخّص بزعم عدم منافاة بقاء الوحدة الشخصيّة لعروض الاثنينيّة ، كما ذهب إليه بعض فضلاء عصرنا زاعما أنّ الانفصال الخارجي لا يوجب انعدام الصورة الجسميّة للواحد الشخصي وحدوثَ صورتين اُخريين ، بل تفريق الشخص إلى جزءين ، وتبعه على ذلك كثير من تلامذته .
وفي حاشية الجواهر للمحقّق الدواني في قول الشارح : لكنّ البديهة تشهد بأنّ الأطراف باقية إذا قطعنا المخروط بنصفين طولاً من رأسه إلى قاعدته :
فإمّا أن يُقال بانقسام النقطة إلى نقطتين مع بقائهما بالشخص ، أو بصيرورة النقطة الشخصيّة اثنتين قائمتين بمحلّين لا بطريق الانقسام ، بل بكونها هذه وتلك ، أو بانعدام النقطة وحدوث اُخريين . والأوّلان باطلان ، فتعيّن الثالث ، سواء قلنا بانعدام الجسم بالتفريق وحدوث آخَرين ، أو ببقائه موصوفا بالكثرة بعدما كان موصوفا بالوحدة .
وأمّا إذا اُخذ قطعة من المخروط من جهة قاعدته كما فرضه ، وقلنا بأنّ التفريق ليس إعداما ، يلزم انتفاء النقطة ، بل يجوز أن تبقى بعينها قائمةً بذلك المحلّ الذي كان واحدا أوّلاً وصار كثيرا بالتفريق ، سواء جُعل محلّه القريبُ المقدارَ أو الجسم .
فتقرّر أنّ ما استشكله ليس مشكلاً على شيء من المذهبين ، وقد اختار الشارح تبعا للمصنّف بقاء الجسم بعد التفريق ، وحينئذٍ لا يلزم انتفاء النقطة ، فلا يلزم إشكال ، فلا وجه لاستشكاله أصلاً ؛ وقس عليه المكعّب المقطوع .
انتهى كلام الفاضل الدواني .
فظهر أنّ احتمال كون القديمين المفروضين واحدا بالتشخّص ، معروضا للكثرة، وانتظامَ أجزاء العالم لكونها آثار شخص واحد ليس بديهيّ البطلان ، فلأجل هذا قال الإمام عليه السلام : «ثمّ يلزمك إن ادّعيت اثنين» إلى آخره ، أي إن اخترت أنّهما متّفقان من كلّ وجه حتّى في المهيّة والتعيّن بناءً على أنّهما شخص واحد حصل له الاُثنوّة ، فصار


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
282

والعجز الذي قال الإمام عليه السلام المغلوبيّةُ والمقهوريّة ، وهو ظاهر في الثاني إذا فرض الأوّل قويّا ؛ لأنّ القويّ ـ كما عرفت ـ هو المستطيع بنفسه ، والمستطيع بنفسه على الإطلاق ما كان قاهرا على جميع ما عداه لئلّا يلزم أن يكون استطاعته بشرط عدم مدخليّة الغير ، فلا يكون قويّا على الإطلاق .
وقوله عليه السلام : «فإن قلت : إنّهما اثنان» أي إن لم تتفطّن بالبيان المذكور لما هو الحقّ، وأصررت على القول بأنّ المبدأ الذي هو متّصف في وهمك بالاُثنوّة اثنان في نفس الأمر ، غاية ما في الباب أن يكونا ضعيفين بمعنى المحتاجين في تدبير العالم إلى المشاركة والمشاورة والمعاونة ، أو عدم المضادّة الممانعة والمستغنيين في أصل ذاتيهما ، فلا يخلو الأمر من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة ، أو مفترقين من كلّ جهة ؛ أي كلّ ما لأحدهما من الذاتيّات والتعيّن اللازم للذات كان للآخر ، أو ليس شيء ممّا لأحدهما للآخر ، بل لكلٍّ ما يخصّ به ، وإنّما انحصر الأمر في الشقّين مطلقا ـ سواء جوّز جليل النظر أن يكونا قويّين ، أو ضعيفين ، أو أحدهما قويّا والآخر ضعيفا ـ للزوم التركيب في غيرهما المستلزم للاحتياج إلى الأجزاء المنافي للقدم الذاتي ، لا يتصوّر الشقّ الأوّل لارتفاع الاثنينيّة ، فاعتبارها فيه جمع النقيضين ، والحدس الصائب يحكم بتضادّ أثري مؤثّرين مفترقين من كلّ وجه وتخالفهما ، وعدم حصول الانتظام والاتّساق والتلاؤم والتناسب ، بل بتمانع تأثيريهما المستلزم لعدم صحّة الفعل والتدبير عن واحدٍ منهما .
ونحن لمّا رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا ، والتدبير واحدا ، والشمس والقمر والليل والنهار كلّها على نهج اقتضاء الصواب والحكمة ، دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد .
وفي توحيد الصدوق طاب ثراه : سُئل الصادق عليه السلام : ما الدليل على أنّ اللّه واحد؟ فقال : «اتّصال التدبير ، وتمام الصنع» . ۱

1.التوحيد ، ص ۲۵۰ ، ح ۲ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127886
صفحه از 637
پرینت  ارسال به