285
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

إنّهما» إلى آخره ، إشارة إلى الدليل على المسلك الأوّل بما تحريره أنّه : لو كان اثنين ، فلا يخلو إمّا أن يكونا مستقلّين بالقدرة والتأثير في جميع ما في حيطة عالم الإمكان ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكونَ أحدهما ضعيفا والآخر قويّا ، والأقسام بأسرها باطلة :
أمّا الأوّل ، فلأنّه يستلزم قوّة كلّ منهما ضعفَ الآخَر حيث إنّ مراد أحدهما لمّا وقع بإرادته المستقلّة التي لا تمنعها إرادة الآخر لفرض الاستقال فيها ، فلو أراده الآخر أيضا ، يلزم توارد العلّتين على معلول ، وهو باطل ؛ فتعيّن عدم إرادة الآخر ، فيلزم ضعفه ؛ وبالعكس لو أراد .
وبالجملة ، قوّة كلّ منهما تستلزم ضعف الآخَر ، وما وقع عنه بقوله عليه السلام : «هذا ثاني البراهين وهو أحد الوجوه البرهانيّة فلِمَ لا يدفع» استفهام إنكاري ، أي معلوم أنّه كما في قوله تعالى : «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَا اللّهُ لَفَسَدَتَا» ، ۱ يدفع كلّ منهما الآخر عن قوّته ، وإلّا يلزم ترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجّح ، فاستقلال كلّ منهما يستلزم ضعف الآخر ، فكلّ منهما قويّ وضعيف معا ؛ هذا خلفٌ .
وقوله : «فإن قلت» إلى قوله : «ثمّ يلزمك» الخ ، إشارة إلى الدليل على المسلك الثاني بما تقريره : أنّه لو تعدّد فلا يخلو إمّا أن يكون نسبة كلّ من المعلولات إليهما في الصدور على السواء ، أم لا ، وكلاهما باطل :
أمّا الأوّل، فلأنّه على فرض صدوره عنهما لو أرادا ، لزم توارد العلّتين المستقلّتين على معلول واحد شخصي ، وعلى فرض صدور بعض عن أحدهما وبعض عن الآخر، ترجيح من دون مرجّح ، وإليه أشار بقوله عليه السلام : أن يكونا متّفقين» .
وأمّا الثاني ، فلأنّ افتراق الفاعلين أحدهما عن الآخر في التأثير فيما إذا كان لأحدهما نفع عائد إليه كما في الممكنات الفاعلة ؛ لأنّه يصحّ افتراقها في التأثير ؛ لمنفعة نيل المثوبات ودفع العقوبات .
وأمّا في الواجب على تقدير تعدّده، فلا يستقيم ذلك أصلاً ؛ لأنّه غنيّ مطلقا ، فلا مصلحة له نظرا إلى فعله لا يكون لآخَر ، وعلى فرض وقوع الافتراق في التأثير والإيجاد يلزم عدم اتّساق نظام الوجود وعدم تلازم أجزائه على ما يشير إليه بقوله : «إِذا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ»۲ وهو باطل .

1.الأنبياء (۲۱) : ۲۲ .

2.المؤمنون (۲۳) : ۹۱ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
284

اثنين متّفقين من كلّ جهة ؛ لأنّ حقيقتهما وتعيّنهما كليهما واحد ، وزعمت أنّ الاتّساق والانتظام الواقع باعتبار أنّ الآثار آثار قديمين متّفقين في الحقيقة والتعيّن ، فلا تخالف في الآثار من جهة أن لا تخالف في ذات المؤثّرين لزمك فرجة بينهما حتّى يكونا اثنين ، أي ما انفرج به أحد شطري الشخص عن الآخر ، كما في ماء حوض يصير قطعتين بتخلّل جسم فاصل في البين ، فيكون الفرجة ثالثا لهما قديما معهما ، وكنت تقول : إنّ في الوجود قديمين فحسب ، وليس لزوم خلاف الفرض مخصوصا باختيار قديمين متّفقي الحقيقة ، بل لو اخترت ثلاثةَ قدماءَ كذلك يلزمك أن تكون خمسةً بعين ما ذكر ، وهكذا إلى ما لا نهاية له .
فالقول بالتعدّد مع الاتّفاق من كلّ جهة فُرض ما يوجب خلاف الفرض مطلقا ، فانحصر شقوق القديمين في مفترقين من كلّ جهة ، وائتلافُ أجزاء العالم واتّصال التدبير يدفعه ، فإذن التعدّد باطل رأسا ، والخلق والأمر للواحد الحيّ القيّوم الذي لا إله إلّا هو؛ «إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ» ، ۱«فَسُبْحَانَ الَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون»۲ .
والآن نذكر ما ذكر الفاضل المحقّق السيّد السند الأفضل الأقدم الأمجد السيّد أحمد داماد السيّد الداماد ـ قدّس اللّه روحهما ونوّر ضريحهما ـ قال طاب ثراه :
قوله عليه السلام : «لا يخلو قولك» إلى آخره ، لا خفاء في أنّ ما وقع في هذا الخبر يجوز تقريره على ما يصلح أن يكون تفسيرا لقوله تعالى : «وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللّهِ عَمَّا يَصِفُونَ»۳ ، وذلك يظهر بعد تمهيد مقدّمة[؟؟؟] ۴ إمّا في الذات ، وإمّا في الصنع والإيجاد ردّا على الثنويّة ، وإمّا في استحقاق العبوديّة ردّا على مشركي العرب حيث شاركوا أصنامهم في الاستحقاق للعبادة .
فإذا تقرّر هذا فنقول : إنّ قوله عليه السلام : «لا يخلو قولك أنّهما اثنان» إلى قوله : «فإن قلت :

1.فاطر (۳۵) : ۴۱ .

2.يس (۳۶) : ۸۳ .

3.المؤمنون(۲۳) : ۹۱ .

4.هنا كلمات غير مقروءة.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127781
صفحه از 637
پرینت  ارسال به