301
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

التنصيص ، وتسمّى حينئذٍ بَتْريّةً ، وإنّما تظهر نصب اسمها إذا كان خافضا ، نحو «لا صاحبَ جودٍ ممقوت» وقول أبي الطيّب :

فلا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمدعلى أحد إلاّ بلؤم مرقّع
أو رافعا نحو : «لا حسنا فعله مذموم» أو ناصبا نحو : «لا طالعا جبلاً حاضر» ومنه : «لا خيرا من زيد عندنا». وتخالف «لا» هذه «إنّ» من سبعة أوجه :
أحدها : أنّها لا تعمل إلّا في النكرات .
والثاني : أنّ اسمها إذا لم يكن عاملاً؛ فإنّه يبنى [وقيل:] لتضمّنه معنى «من» الاستغراقيّة . وقيل : لتركيبه مع «لا» تركيبَ خمسة عشر .
والثالث : أنّ ارتفاع خبرها ـ عند إفراد اسمها نحو : لا رجل قائم ـ بما كان مرفوعا به قبل دخول «لا» بها ، وهذا قول سيبويه ، وخالفه الأخفش والأكثرون ، ولا خلاف بين البصريّين في أنّ ارتفاعه بها إذا كان اسما عاملاً .
الرابع : أنّ خبرها لا يتقدّم على اسمها ولو كان ظرفا أو مجرورا .
الخامس : أنّه يجوز مراعاة محلّها مع اسمها قبل مضيّ الخبر وبعده ، فيجوز رفع النعت والمعطوف عليه ، نحو : لا رجل ظريف فيها ، ولا رجل وامرأة فيها .
والسادس : أنّه يجوز إلغاؤها إذا تكرّرت ، نحو : «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه » ولك فتح الاسمين ورفعهما والمغايرة بينهما، بخلاف نحو قوله :

إنّ محلّاً و إنّ مرتحلاًوإنّ في السفر إذا مضوا مهلاً
فلا مَحيد عن النصب .
السابع : أنّه يكثر حذف خبرها إذا علم ، نحو : «قالوا لا ضير ولا فوت» وتميم لا يذكره حينئذٍ .
الثانية : أن تكون عاملة عملَ «ليس» كقوله :

من صدّ عن نيرانهافأنا ابن قيس لا براح
وإنّما لم يقدّرها مهملةً والرفعَ بالابتداء ؛ لأنّها حينئذٍ واجبة التكرار . وفيه نظر؛ لجواز تركه في الشعر . و«لا» هذه تخالف «ليس» من ثلاث جهات :
أحداها : أنّ عملها قليل حتّى ادّعي أنّه ليس بموجود .
الثانية : أنّ ذكر خبرها قليل حتّى إنّ الزجّاج لم يُظفَر به ، فادّعى أنّها لا تعمل في الاسم


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
300

مختلفين من كلّ جهة .
وقوله : «ثمّ يلزمك إن ادّعيت اثنين فرجة ما بينهما» برهانٌ ثالث على توحيد واجب الوجود ، ولعلّ ما في كتب الحكمة مستخرجٌ من فوائد هذا الحديث ، وحاصله : أنّه لو كان واجب الوجود اثنين ، يجب أن يكون بين ذينك الاثنين المشتركين في أصل وجوب الوجود الذي يجب أن يكون ذاتيّا لهما امتياز البتّةَ بأمر يكون به المباينة والامتياز بينهما ، وعبّر عليه السلام عمّا به الامتياز بالفرجة مجازا .
وما به الامتياز في بادئ الأمر يكون إمّا أمرا وجوديّا من كلّ واحدٍ منهما يميّزه عن الآخر ، فيكون الفرجة اثنين ، فيلزم أن يصير العدد أربعا ؛ وإمّا أن يكون في أحدهما أمرا وجوديّا وفي الآخر عدميّا ، فيمتاز ذلك الآخر من الأوّل بعدم ذلك الأمر الوجودي ، وحينئذٍ يكون العدد ثلاثةً ، فاكتفى عليه السلام بأقلّ ما لابدّ من تحقّقه حتّى يحصل الامتياز بينهما ، ففَرَض الفرجة في المرتبة الاُولى واحدا ، وألزم تحقّق ثلاثِ موجوداتٍ ، وفي المرتبة الثانية لمّا كانت الموجودات ثلاثةً لزم بين كلّ موجودين مميّز واحد ، فلزم ثلاث مميّزات ، لكن لمّا كان المميّز بين الأوّلين هو الثالثَ ، فلزم خمسة موجودات وهكذا ، فلزم عدم تناهي الواجب . انتهى ، فتدبّر .
ولمّا كان الأمر مهمّا لم اُبالِ بإطناب :
روى الصدوق ـ طاب ثراه ـ في التوحيد بالإسناد عن الرضا عليه السلام عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام ، قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : التوحيد نصف الدِّين» .
قوله : (أنّه شيءٌ بِحَقيقةِ الشَّيْئيّةِ) .[ح ۵ / ۲۲۰]
المراد بالشيء معنى عامّ يصدق على كلّ موجود من حيث هو موجود بوجود مّا ، تصوّري أو وهميّ أو خياليّ مجرّدا عن سائر خصوصيّاته ، وظاهر أنّ القديم بالذات ـ المحتاجَ إليه جميعُ ما عداه ـ أقدمُ وأولى بالوجود ، فحقيقة الشيئيّة له حقيقة .
قوله : (لا جِسْمٌ وَلا صُورَةٌ) .[ح ۵ / ۲۲۰]
قال صاحب المغني :
«لا» على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون نافيةً ، وهذه على خمسة أوجه :
أحدها : أن تكون عاملة عملَ «إنّ» وذلك إذا اُريد [بها] نفي الجنس على سبيل

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127136
صفحه از 637
پرینت  ارسال به