319
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

قوله : (ومَنْ عَبَدَ الاسمَ دونَ المعنى) .] ح ۱ / ۲۳۵]
لعلّ المراد بالاسم مفهوم المشتقّ، والمعنى ما صدق عليه ذلك المفهوم ، وكذلك المسمّى ، والمقصود أنّ المفهوم أمرٌ ذهنيّ ليس موجودا أصلاً ، فعبادته كفر ، وفي الحديث الآتي : «من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا» .
قوله : (اللّهُ ممّا هو مُشتقٌّ) .] ح ۲ / ۲۳۶]
كلمة «ما» موصولة ، لا استفهاميّة ، وإلّا سقطت ألفها كما في قوله تعالى : «عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ»۱ ؛ «قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ»۲ ؛ «لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ»۳ والاستفهام المستفاد من الكلام مدلول الهمزة المقدّرة من قبل الجلالة ؛ يعني أنّ هذه اللفظة أمن الألفاظ المشتقّة ـ التي وضعت لمفهومات كلّية ذهنيّة هي أسماء الأشياء خارجيّة صدقت عليها ، فيكون الاسم الذي هو المفهوم الكلّي غير المسمّى الذي هو أفراده الجزئيّة الخارجيّة ـ أم من الألفاظ الجامدة التي وضعت لمفهومات جزئيّة داخلة فيها تشخّصاتها مطابق ما في الذهن منها لما هو في الخارج كما هو شأن الأعلام ، فيكون الاسم والمسمّى متّحدين ، لا مغايرة بينهما إلّا باعتبار الوجودين ، فباعتبار الوجود الخارجي مسمّى وباعتبار الوجود الذهني اسم ، وأسماء الأجناس في حكم المشتقّات من حيث إنّها وضعت لمفهومات كلّيّة هي أسماء الأشياء خارجيّة صدقت عليها، والألفاظ والنقوش مباينتا الحقيقة للاسم والمسمّى ، وعلى هذا يلائم المقام قوله عليه السلام لهشام : (لو كانَ الاسمُ هو المُسمّى لكانَ كلُّ اسمٍ منها إلها) إلى آخره ؛ فتدبّر أجزاء الحديث عسى أن تطمئنّ بما قلنا .
وهذا الحديث قد كرّر في باب معاني الأسماء واشتقاقها ، وستسمع تمام الكلام هناك .

باب الكون والمكان

قوله : (لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَدا) .] ح ۱ / ۲۳۸]

1.النبأ (۷۸) : ۱ و ۲ .

2.النساء (۴) : ۹۷ .

3.مريم (۱۹): ۴۲.


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
318

وفي الصحاح : «توهّمت ، أي ظننت» . ۱
وفي تاج المصادر : «التوهّم : گمان كردن» .
وكثيرا ما وجدنا في الأخبار معاني الألفاظ على وجه يكاد يبلغ حدّ القطع من جهة قرائن المقام لم يظفر بها اللغويّون .
وزيادات القاموس على الكتب المتقدِّمة عليه أكثرها ممّا استنبطه مؤلّفه من استعمالات من يوثق بكلامه ، ولكن لم يذكر مآخذها، كما ذكره الزمخشري في الأساس وابن الأثير في النهاية روما للاختصار، كما هو طريقته في ذلك الكتاب ، فلا ينبغي للمحدّث الناظر في الحديث قصرُ المعنى على ما ذكره اللغويّون، والإعراضُ عمّا هو ظاهر من سياق الحديث ظهورا معتدّا به ، كما لاينبغي الجرأة والجسارة على تفسير اللفظ بمحض التخمين بلا مستند ومتمسّك ، بل الصواب التحرّي والاحتياط ؛ واللّه الموفّق .
وفي الاحتجاج في أسئلة الزنديق عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال له السائل : أتوهّمه شيئا؟ قال : «نعم ، غير معقول ولا محسوس» أي الإخطار على وجه يخرجه عن الحدّين : حدّ التعطيل ، وحدّ التشبيه ، والسائل توهّم أنّ مطلق التوهّم والإخطار يوجب مخلوقيّة المُخْطَر ، ولذا قال : إنّا لا نجد موهوما إلّا مخلوقا ، فأجاب عليه السلام بأنّه : «لو كان ذلك كما تقول، لكان التوحيد عنّا مرتفعا ؛ لأنّا لم نكلَّف غيرَ موهوم» ۲ يعني أنّ عقولنا بملاحظة الفقر ـ الذي هو ذاتيُّ الممكنات ورأسُ مالهم، واستلزام ذلك المعنى بالذات المطهّر ذيل قدسه عن الاتّصاف بما يقبل الخلق والإيجاد ـ كلّفنا تكليفا اضطراريّا بالاعتراف بما يحتاج إليه تعالى وتقدّس عن مشابهة الممكنات ، وبالعبادة له ، والتخضّع لديه ، فلزمنا أن نتوهّمه في عبادتنا ، وإذ ليس فيه شَبَهٌ من الممكنات حتّى نتوهّمه به ، فلابدّ أن نتوهّمه على وجهٍ يخرجه عن الحدّين ، ولو كان هذا النحو من التوهّم أيضا يوجب المخلوقيّة لكان التوحيد ـ أي الإقرار بمن ليس كمثله شيء ـ عنّا مرتفعا ، ولكنّا نقول : كلّ موهوم بالحواسّ مدرَك به تحدّه الحواسّ وتمثّله ، فهو مخلوق .

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۵۴ (وهم) .

2.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۳۳۱ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103576
صفحه از 637
پرینت  ارسال به