325
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

حيث قال في باب فعل يفعل ـ بفتح العين في الماضي وضمّها في الغابر ـ : «الصدق : راست گفتن وراست گردانيدن وعده» .
قوله : (إذا كانَتِ الرواياتُ مخالفةً للقرآن كَذَّبْتُها) .] ح ۲ / ۲۶۲]
فيه تبصّرٌ لمن أراد أن يتبصّر .
قوله : (فهذا دليلٌ على أنّ اللّهَ ـ عزّ ذكره ـ لا يُرى بِالعَيْنِ) .] ح ۳ / ۲۶۳]
معنى ظاهر هذا الحديث لا يخلو عن حزازة ، والظاهر أنّ الراوي لم ينقله على وجهه ، أو وقع تصرّف من جهة النسّاخ ، وهذا غير قليل في هذا الكتاب ، ولا حاجة بنا إلى تصحيح معناه بالتكلّفات الركيكة التي يشمئزّ منها الطبع السليم .
قال الفاضل المحقّق صاحب البحار بعد نقل ما قالوا في هذا الحديث :
لا يخفى أنّ شيئا من الوجوه لا يخلو من التكلّفات : إمّا لفظيّة وإمّا معنويّة ، ولعلّه عليه السلام بنى ذلك على بعض المقدّمات المقرّرة بين الخصوم في ذلك الزمان إلزاما عليهم كما صدر عنهم كثير من الأخبار كذلك ، واللّه تعالى يعلم وحججه حقائق كلامهم عليهم السلام .
واعلم أنّ الاُمّة اختلفوا في رؤية اللّه تعالى على أقوال ؛ فذهبت الإماميّة والمعتزلة إلى امتناعها مطلقا ، وذهبت المشبّهة والكرّاميّة إلى جواز رؤية اللّه في الجهة والمكان؛ لكونه تعالى عندهم جسما ، وذهبت الأشاعرة إلى جواز رؤية اللّه تعالى منزّها عن المقابلة والجهة والمكان .
قال الآبي في كتاب إكمال الإكمال ناقلاً عن بعض علمائهم : إنّ رؤية اللّه تعالى جائزة في الدنيا عقلاً ، واختلف في وقوعها ، وفي أنّه هل رآه النبيّ صلى الله عليه و آله ليلة الإسراء أم لا ، فأنكرته عائشة وجماعة من الصحابة والتابعين والمتكلِّمين ، وأثبت ابن عبّاس وقال : إنّ اللّه اختصّه بالرؤية ، وموسى بالكلام ، وإبراهيم بالخلّة ، وأخذ به جماعة من السلف والأشعري وابن حنبل ، وكان الحسن يقسم لقد رآه ، وتوقّف فيه جماعة ، هذا حال رؤيته في الدنيا .
وأمّا رؤيته في الآخرة فجائزة في الآخرة ۱ ، وأجمع على وقوعها أهل السنّة ، وأحالها

1.في المصدر : «عقلاً» بدل «في الآخرة» .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
324

باب إبطال الرؤية

قوله : (حيث قال :«مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى»۱) .] ح ۲ / ۲۶۲]
في الكشّاف :
ما كذب الفؤاد : فؤادُ محمّد صلى الله عليه و آله ما رآه ببصره من صورة جبرئيل عليه السلام ، أي ما قال فؤاده لمّا رآه : لم أعرفك ، ولو قال ذلك لكان كاذبا ؛ لأنّه عرفه ؛ يعني أنّه رآه بعينه وعرفه بقلبه، ولم يشكّ في أنّ ما رآه حقّ . وقرئ «ما كذّب» أي صدّقه ولم يشكّ أنّه جبرئيل بصورته. ۲ انتهى .
أقول : «صدق» بالتخفيف قد يتعدّى إلى مفعولين ، في التنزيل : «الْحَمْدُ للّهِِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ»۳ ؛ «لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ»۴ و«كذب» إلى مفعول واحد .
في القاموس : «كُذب الرجل : اُخبر بالكَذِب» . ۵
وفي زيارة يوم الغدير التي نقلها مشايخنا ـ رضوان اللّه عليهم ـ عن أبي محمّد بن عليّ العسكريّ عليهم السلام : «وأشهد أنّك ما أقدمت ولا أحجمت ولا نطقت ولا سكتَّ إلّا بأمرٍ من اللّه ورسوله ، وقلت : والذي نفسي بيده لقد نظر إليَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أضرب بالسيف قُدما ، فقال : يا عليّ ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، واُعلمك أنّ موتك وحياتك معي وعلى سنّتي ، فواللّه ما كَذبت ولا كُذبت ولا ضللت ولا ضُلَّ بي» الحديث بطوله . ۶
و«كذب» في الآية الكريمة من هذا الباب على ما قرّره صاحب الكشّاف حيث قال : «أي ما قال فؤاده لمّا رآه : لم أعرفك» إلى آخره ؛ لأنّ «كذب» في كِلَيِ الاستعمالين بمعنى إخبار الغير بخلاف ما علم ، وأمّا «صدق» المتعدّي إلى مفعولين ، فالظاهر أنّه ليس في الآية المذكورة بمعنى الإخبار بالصدق ، بل بمعنى ما نقله صاحب مصادر اللغة

1.النجم (۵۳) : ۱۱ .

2.الكشّاف ، ج ۴ ، ص ۲۹ .

3.الزمر (۳۹) : ۷۴ .

4.الفتح (۴۸) : ۲۷ .

5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۲۲ (كذب) .

6.بحار الأنوار ، ج ۱۰۰ ، ص ۳۶۱ ، ح ۶ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126984
صفحه از 637
پرینت  ارسال به