قوله : (ليس القولُ ما قالَ الهشامان) . [ح ۵ / ۲۸۹]
في كتاب البحار :
لا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين ، وقد بالغ السيّد المرتضى ـ قدّس اللّه روحه ـ في براءة ساحتهما عمّا نُسب إليهما في كتاب الشافي مستدلّاً عليها بدلائلَ شافيةٍ ، ولعلّ المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معانَدَةً ، كما نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدِّثين ، أو لعدم فهم كلامهما ، فقد قيل : إنّهما قالا بجسم لا كالأجسام ، وبصورةٍ لا كالصور ، فلعلّ مرادهما بالجسم الحقيقة القائمة بالذات ، وبالصورة المهيّة . [...] قال الشهرستاني : حكى الكعبي عن هشام بن الحكم أنّه قال : هو جسم ذو أبعاض، له قدر من الأقدار ، ولكن لا يشبه شيئا من المخلوقات ، ولا يشبهه شيء .[...] وحكى عنه أبو عيسى الورّاق أنّه تعالى مماسٌّ لعرشه ، لا يفضل عنه شيء من العرش ، ولا يفضل هو عنه .
وقال هشام بن سالم : إنّه تعالى على صورة إنسانٍ أعلاه مجوّف ، وأسفله مُصْمَتٌ . [...] ثمّ قال : وغلا هشام على عليّ حتّى قال : إنّه إله واجب الطاعة ، وهذا هشام بن الحكم صاحب [غور] في الاُصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة ؛ فإنّ الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنّه ألزم العلّاف فقال : إنّه يقول ۱ : إنّ الباري تعالى عالم بعلم ، وعلمه ذاته ، فيشارك المحدثات في أنّه عالم بعلم ، ويباينها في أنّ علمه ذاته ، فيكون عالما لا كالعالمين ، فلِمَ لا يقول إنّه جسمٌ كالأجسام ، وصورةٌ لا كالصور ، وله قدر لا كالأقدار، إلى غير ذلك . انتهى كلام الشهرستاني .
فظهر أنّ نسبة هذين القولين إليهما [إمّا] لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم وبيان سفاهة آرائهم ، أو أنّهم لمّا ألزموهم من الاحتجاج أشياءَ إسكاتا لهم نسبوها إليهم ، والأئمّة عليهم السلام لم ينفوها عنهم ؛ إمّا للتبرّي عنهم إبقاءً عليهم ، أو لمصالحَ اُخرَ .
ويمكن أن يُحمل هذا الخبر على أنّ المراد ليس هذا القول الذي تقول ما قال الهشامان ، بل قولهما مباين لذلك .