333
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

قوله : (ليس القولُ ما قالَ الهشامان) . [ح ۵ / ۲۸۹]
في كتاب البحار :
لا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين ، وقد بالغ السيّد المرتضى ـ قدّس اللّه روحه ـ في براءة ساحتهما عمّا نُسب إليهما في كتاب الشافي مستدلّاً عليها بدلائلَ شافيةٍ ، ولعلّ المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معانَدَةً ، كما نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدِّثين ، أو لعدم فهم كلامهما ، فقد قيل : إنّهما قالا بجسم لا كالأجسام ، وبصورةٍ لا كالصور ، فلعلّ مرادهما بالجسم الحقيقة القائمة بالذات ، وبالصورة المهيّة . [...] قال الشهرستاني : حكى الكعبي عن هشام بن الحكم أنّه قال : هو جسم ذو أبعاض، له قدر من الأقدار ، ولكن لا يشبه شيئا من المخلوقات ، ولا يشبهه شيء .[...] وحكى عنه أبو عيسى الورّاق أنّه تعالى مماسٌّ لعرشه ، لا يفضل عنه شيء من العرش ، ولا يفضل هو عنه .
وقال هشام بن سالم : إنّه تعالى على صورة إنسانٍ أعلاه مجوّف ، وأسفله مُصْمَتٌ . [...] ثمّ قال : وغلا هشام على عليّ حتّى قال : إنّه إله واجب الطاعة ، وهذا هشام بن الحكم صاحب [غور] في الاُصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة ؛ فإنّ الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنّه ألزم العلّاف فقال : إنّه يقول ۱ : إنّ الباري تعالى عالم بعلم ، وعلمه ذاته ، فيشارك المحدثات في أنّه عالم بعلم ، ويباينها في أنّ علمه ذاته ، فيكون عالما لا كالعالمين ، فلِمَ لا يقول إنّه جسمٌ كالأجسام ، وصورةٌ لا كالصور ، وله قدر لا كالأقدار، إلى غير ذلك . انتهى كلام الشهرستاني .
فظهر أنّ نسبة هذين القولين إليهما [إمّا] لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم وبيان سفاهة آرائهم ، أو أنّهم لمّا ألزموهم من الاحتجاج أشياءَ إسكاتا لهم نسبوها إليهم ، والأئمّة عليهم السلام لم ينفوها عنهم ؛ إمّا للتبرّي عنهم إبقاءً عليهم ، أو لمصالحَ اُخرَ .
ويمكن أن يُحمل هذا الخبر على أنّ المراد ليس هذا القول الذي تقول ما قال الهشامان ، بل قولهما مباين لذلك .

1.في المصدر : «إنّك تقول» .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
332

تعالى بديع السماوات والأرض. والبديع : المبتدع أيضا» . ۱
وفي المُغرب : «اسم من ابتدع الأشياء : ابتدأه» ۲ . وفيه : «الفطر : إيجاد الشيء ابتداءً وابتداعا ، يُقال : فطرا اللّه الخلق فطرا : إذا ابتدعهم» . ۳
وفي النهاية : «الفطر : الابتداع والاختراع . وفيها : من أسماء اللّه تعالى البديع ، وهو الخالق المخترع لا على مثال سابق» . ۴
وفي القاموس : «بدعه، كمنعه : أنشأه، كابتدعه». ۵ «والخرع كالمنع : الشقّ . واخترعه : شقّه وأنشأه . ۶
ومقتضى العقل أيضا أنّ جميع أسماء اللّه تعالى الفعليّة هي بمعنىً واحدٍ ، وهو إفاضة الكون والتحقّق على مقدورات القدرة الكاملة التي هي عين الذات الحقّة المنكشفة عنده تعالى من العلم بالذات ، الذي هو عين الذات، وإنّما تعدّدت تلك الأسماء باعتبار اختلاف مفهومات تلك المقدورات ، وتلك الإفاضة إفاضة ناشئة من الجود المطلق الذي هو عين الذات ، غير مشروط بشرط سوى الاستحقاق ، ومرجعه إلى عدم كون وجود المقدور مضادّا ومنافيا لجبروته وعزّ جلاله .
فما ورد في كلام سيِّد الساجدين زين العابدين عليه السلام في الصحيفة الكاملة في دعاء الحمد من قوله عليه السلام : «ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا ، واخترعهم على مشيّته اختراعا ، ثمّ سلك بهم طريق إرادته ، وبعثهم على سبيل محبّته» الدعاء ۷ ، تعليق الابتداع على القدرة، والاختراع على المشيّة ، وتخصيص تفريع بطلان الاختراع بالكون من شيء ، وبطلان الابتداع بالتكوين لعلّه ـ كما في الحديث الذي نحن فيه ـ مبنيّ على الجهات الاعتباريّة والملاحظات العقليّة ، وستسمع في تضاعيف الكتاب ما يوجب زيادة بصيرة في هذا الباب .

1.المصدر ، ج ۳ ، ص ۱۱۸۳ (بدع).

2.المغرب ، ص ۳۷ (بدع).

3.المصدر ، ص ۳۶۲ (فطر).

4.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۰۶ (بدع).

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۴ (بدع).

6.المصدر ، ج ۳ ، ص ۱۷ (خرع).

7.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۲۸ ، الدعاء ۱ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 129637
صفحه از 637
پرینت  ارسال به