الرضا عليه السلام ، وسنورد هناك بعضَ ما تركنا هاهنا ، وقد مرّ بعضها في باب نفي الجسم والصورة ، وباب نفي الزمان والمكان . ۱
انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه .
وأنا أقول : حلّ الشبهة المورَدة في مسبوقيّة أفعال العباد بإرادتهم إنّما هو بأن يبيّن معنى كون إرادتهم مخلوقةً بنفسها ، وقد بيّنّاه في رسالتنا في إبطال الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين .
ونقول هاهنا على وجه الإجمال : إنّ الإرادة المطلقة من الصفات الذاتيّة للحيوان بما هو حيوان ، ولذا تسمعهم يقولون في حدّ الحيوان : «إنّه جوهر قابل للأبعاد نامٍ حسّاسٌ متحرّك بالإرادة» . وأمّا الإرادات الجزئيّة نوعا وشخصا ، فتابعة للفصول والقوى المركّبة في كلّ نوع ، والمزاج وقوّة القوى وضعفها بالفطرة ، وبمصادفات الاُمور الخارجيّة من المعاشرات والاكتسابات للعلوم والأخلاق والسلطنة والمال إلى غير ذلك . والكلّ بتقدير الحكيم القدير ومشيّته وقضائه ، وكلّ مصادف بالنسبة إلى خصوص كلّ أحدٍ مهيّج قوّة من القوى ، وداعٍ إلى حركة خاصّة ، وإذا تعارضت القوى فالدست للغالب ، فهيجان الشوق إلى ما دعاه الغالب هو الإرادة الجزئيّة ، فالإرادة المطلقة كالمادّة تحصل لها في كلّ شخص باعتبار الحالات المذكورة صورةٌ ، وتكون كامنةً فيه إلى أن تبرز بأسباب البروز وتصير شخصا؛ «از كوزه همان برون طراود كه دروست» والعصمة من اللّه .
وفي الصحيفة السجّاديّة التي هي زبور آل محمّد عليهم السلام : «إذا هَمَمْنا بهَمَّيْنِ يُرضيك أحدُهما عنّا ، ويُسخطك الآخر علينا ، فَمِلْ بنا إلى ما يُرضيك عنّا ، وأوْهِنْ قوّتَنا عمّا يُسخِطُك علينا ، ولا تُخَلِّ في ذلك بين نفوسنا واختيارها ؛ فإنّها مختارةٌ للباطل إلّا ما وَفَّقْتَ ، أمّارةٌ بالسوء إلّا ما رَحِمْتَ» . ۲
وفيما سمح جواد القلم هاهنا كفايةٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد .