والراسخون في العلم ، والسكوت عن تفسيره والإقرارُ بالعجز عن فهمه أصوب وأولى ، وأحوط وأحرى ، ونحن نذكر وجها تبعا لمن تكلّم فيها على سبيل الاحتمال ، فنقول :
«أسما» في بعض النسخ بصيغة الجمع ، وفي بعضها بصيغة المفرد ؛ والأخير أظهر، والأوّل لعلّه مبنيّ على أنّه مجزّأ بأربعة أجزاءٍ، كلٌّ منها اسم ، فلذا اُطلق عليه صيغة الجمع .
وقوله : «بالحروف غير منعوت». وفي بعض النسخ كما في الكافي : «غير متصوّت» وكذا ما بعده من الفقرات يحتمل كونها حالاً عن فاعل «خلق» وعن قوله «اسما» .
ويدلّ على الأوّل ما في أكثر نسخ التوحيد : «خلق اسما بالحروف ، وهو عزّوجلّ بالحروف غير منعوت» . فيكون المقصود بيانَ المغايرة بين الاسم والمسمّى بعدم جريان صفات الاسم بحسب ظهوراته النطقيّة والكتابيّة فيه تعالى .
وأمّا على الثاني ، فلعلّه إشارة إلى حصوله في علمه تعالى ، فيكون الخلق بمعنى التقدير والعلم ، وهذا الاسم عند حصوله في العلم الأقدس لم يكن ذا صوتٍ ولا ذا صورة ، ولا ذا شكل ولا ذا صبغ ، ويُحتمل أن يكون إشارةً إلى أنّ أوّل خلقه كان بالإضافة إلى روح النبيّ صلى الله عليه و آله وأرواح الأئمّة عليهم السلام بغير نطقٍ وصبغ ولون وخطّ بقلم .
ولنرجع إلى تفصيل كلّ من الفقرات وتوضيحها ؛ فعلى الأوّل قوله : «غير متصوّت» إمّا على البناء للفاعل ، أي لم يكن خلقها بإيجاد حرف وصوت ؛ أو على البناء للمفعول ، أي هو تعالى ليس من قبيل الأصوات والحروف حتّى يصلح كون الاسم عينه تعالى .
وقوله عليه السلام : «وباللفظ غير مُنْطَقٍ» بفتح الطاء ، أي ناطق ؛ أو أنّه غير منطوق باللفظ كالحروف ليكون من جنسها ؛ أو بالكسر ، أي لم يجعل الحروف ناطقةً على الإسناد المجازي ، كقوله تعالى : «هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ»۱ .
وهذا التوجيه يجري في الثاني من احتمالَيِ الفتح ، وتطبيق تلك الفقرات على الاحتمال الثاني ـ وهو كونها حالاً عن الاسم ـ بعدما ذكرنا ظاهر ، وكذا تطبيق الفقرات الآتية على الاحتمالين .
قوله عليه السلام : «مستترٌ غير مستور» أي كنه حقيقته مستور عن الخلق ، مع أنّه من حيث الآثار