355
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ومنهم من جعل الاسم كنايةً عن مخلوقاته تعالى ، والاسم الأوّل الجامع عن أوّل مخلوقاته ، وبزعم القائل هو العقل ، وجعل ما بعد ذلك كنايةً عن تشعّب المخلوقات وتعدّد العوالم .
وكفى ما أومأنا إليه للاستغراب ، وذِكْرها بطولها يوجب الإطناب .
قوله : «وذلك قوله عزّوجلّ» . استشهاد لأنّ له تعالى أسماءً حسنى ، وأنّه إنّما وضعها ليدعوه الخلق بها ، فقال تعالى : قل ادعوه تعالى باللّه أو بالرحمن أو بغيرهما ، فالمقصود واحد وهو الربّ ، وله أسماء حسنى ، وكلّ منها يدلّ على صفة من صفاته المقدّسة ؛ فأيّا تدعوه فهو حسن .
قيل : نزلت الآية حين سمع المشركون رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : «يا أللّه يا رحمن» فقالوا : إنّه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخَرَ .
وقالت اليهود : لتقلّ ذكر الرحمن وقد أكثره اللّه في التوراة ، فنزلت الآية ردّا لما توهّموا من التعدّد أو عدم ذكر الرحمن . ۱
إلى هنا كلام صاحب البحار .
قوله : (يَراها ويَسْمَعُها). [ح ۲ / ۳۰۹]
في حاشية السيّد الجليل الرفيع رفع اللّه قدره : «لا يبعد أن يكون مكان «يسمعها» : «يسمّيها» وإن لم يوجد في النسخ التي وصلت إلينا» . ۲
أقول : يشهد له بذلك تعريفه عليه السلام حيث قال : «فليس يحتاج أن يسمّي نفسه» .
قوله : (اسمُ اللّهِ غيرُ اللّه ) .۳[ح ۴ / ۳۱۱]
سيجيء الكلام في هذا الباب في الباب الآتي .
روى الصدوق في التوحيد بالإسناد عن محمّد بن سنان ، قال : سألته عن الاسم ما هو؟ قال : «صفة لموصوف». ۴ وهذا صريح في أنّ المراد بالاسم المفهوم الذي وضع اللفظ بإزائه ، لا المؤلّف من الحروف ، وهذا مفيد في حلّ الأحاديث التي تدلّ على أنّ الاسم غير المسمّى .

1.بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۱۶۷ ـ ۱۷۲، ملخّصا .

2.شرح اُصول الكافي لميرزا رفيعا ، ص ۳۸۰ .

3.في الكافي المطبوع : «غيره» .

4.التوحيد ، ص ۱۹۲ ، ح ۵ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
354

والعلم والقدرة ، والاثنا عشر ما يدلّ على الصفات الكماليّة والتنزيهيّة التي تتبع تلك الصفات ، والمراد بالثلاثين صفات الأفعال التي هي آثار تلك الصفات الكماليّة ، ويؤيّده قوله : «فعلاً منسوبا إليها» .
وعلى الأوّل يكون المعنى أنّها من توابع تلك الصفات ، فكأنّها من فعلها .
هذا ما خطر ببالي في حلّ هذا الخبر ، وإنّما أوردته على سبيل الاحتمال من غير تعيين لمرام المعصوم عليه السلام ، ولعلّه أظهر الاحتمالات التي أوردها أقوام ، وإنّما هداني إلى ذلك ما أورده ذريعتي إلى الدرجات العُلى ، ووسيلتي إلى مسالك الهُدى بعد أئمّة الورى عليهم السلام ؛ أعني والدي العلّامة ـ قدّس اللّه روحه ـ في شرح هذا الخبر على ما في الكافي حيث قال : «والذي يخطر بالبال في تفسير هذا الحديث على الإجمال هو أنّ الاسم الأوّل كان اسما جامعا للدلالة على الذات والصفات ، ولمّا كان معرفة الذات محجوبةً عن غيره تعالى جزّئ ذلك الاسم على أربعة أجزاء ، وجعل الاسم الدالّ على الذات محجوبا عن الخلق ، وهو الاسم الأعظم باعتبار ، والدالّ على المجموع اسم أعظم باعتبارٍ آخر ، ويُشبه أن يكون الجامع هو «اللّه » ، والدالّ على الذات فقط «هو» ، وتكون المحجوبيّة باعتبار عدم التعيين، كما قيل : إنّ الأعظم داخل في جملة الأسماء المعروفة ، ولكنّها غير معيّنة لنا ، ويمكن أن يكونا غيرهما . والأسماء التي أظهرها اللّه للخلق على ثلاثة أقسام ؛ منها ما يدلّ على التقديس ، مثل العليّ العظيم العزيز الجبّار المتكبِّر ؛ ومنها ما يدلّ على علمه تعالى ؛ ومنها ما يدلّ على قدرته تعالى . وانقسام كلّ واحدٍ منها إلى أربعة أقسام ؛ بأن يكون التنزيه إمّا مطلقا ، أو للذات ، أو الصفات ، أو الأفعال ، ويكون ما يدلّ على العلم إمّا مطلق العلم ، أو للعلم بالجزئيّات كالسميع والبصير ، أو الظاهر والباطن ، وما يدلّ على القدرة إمّا للرحمة الظاهرة أو الباطنة ، أو الغضب ظاهرا أوباطنا ، أو ما يقرب من ذلك التقسيم . والأسماء المفردة على ما ورد في القرآن والأخبار تقرب من ثلاثمائة وستّين اسما ذكرها الكفعمي في مصباحه، فعليك بجمعها والتدبّر في ربط كلّ منها بركن من تلك الأركان. انتهى كلامه رفع اللّه مقامه .
أقول : بعض الناظرين في هذا الخبر جعل الاثني عشر كنايةً عن البروج الفلكيّة ، والثلاثمائة وستّين عن درجاتها .
ولعمري قد تكلّف بأبعد ما بين السماء والأرض .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 130090
صفحه از 637
پرینت  ارسال به