ليعرف مواقع الاختلاف ، وليعلم أنّ قوله عليه السلام : «إنّما عرف اللّه من عرفه باللّه » لم يقع فيه تصرّف من الرواة والكُتّاب ، فليتأمّل في إيثاره على قول : «إنّما عرف اللّه من عرفه به» وقول : «إنّما عرف اللّه من عرف اللّه به ـ أو باللّه ـ » .
والذي يخطر بالبال أنّ المراد ب «اللّه » في : «عرف اللّه » الذات الأقدس ، وب «اللّه » في قوله : «باللّه » المعنى الوصفي ، أعني ما يستحقّ أن يخصّ العبادة لكونه ربّ العالمين .
ثمّ إنّ في عبارة : «وهو غاية من غاياه» تأمّلاً ، بناءً على أنّه بالغين المعجمة والياء المثنّاة التحتانيّة ؛ إذ لم يذكر له أهل اللغة الذين وصلت إلينا كتبهم مثل الزمخشري في الفائق والأساس ، وابن فارس في المجمل ، والجوهري في الصحاح ، وابن الأثير في النهاية ، والمطرزي في المغرب ، والبيهقي في تاج المصادر لذلك معنى يناسب المقام .
نعم ، ذكروا : غايا القوم فوق رأس فلان بالسيف كأنّهم أظلّوه به ، والغاية مدى الشيء ، والجمع : غاي، مثل ساعة وساع . والغاية : الراية ، يُقال : غييت غاية وأغييت : إذا نصبتهما . ۱
وفي النهاية : «غاية كلّ شيء: مداه ومنتهاه» . ۲
وفي القاموس : «الغياية: كلّ ما أظلّ الإنسان من فوق رأسه، كالسحابة ونحوها . وغايا القوم فوق رأسه بالسيف أظلّوا . والغاية : المدى» ۳ . ومثله ما في المجمل . ۴
وفي خطبة الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في مجلس المأمون ـ وقد أوردها الصدوق طاب ثراه في التوحيد وعيون الأخبار ـ قال : «ومن قال : إلى مَ فقد نهاه ، ومن قال : حتّى م فقد غيّاه ، ومن غيّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد وصفه ، ومن وصفه فقد ألحد فيه» . ۵
1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۵۱ ؛ لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۴۳ (غيا) .
2.النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۰۴ (غيا) .
3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۷۲ (غيا) .
4.مجمل اللغة ، ج ۴ ، ص ۲۲ (غوى) .
5.التوحيد ، ص ۳۴ ، ح ۲ ؛ عيون أخبار الرضا، ج ۱ ، ص ۱۴۹ ، ح ۵۱ .