الرابع : أن يكون المراد أنّ الحقّ تعالى غاية أفكار مَن جعله غايةً وتفكّر فيه ، والمعنى المقصود ـ أعني ذات الحقّ ـ غير ما هو غاية أفكارهم ومصنوع عقولهم؛ إذ غاية ما يصل [إليه] أفكارهم ويحصل في أذهانهم موصوف بالصفات الزائدة الإمكانيّة، وكلّ موصوف كذلك مصنوع .
الخامس : ما صحّفه بعض الأفاضل حيث قرأ: «عانة من عاناه» أي الاسم ملابس من لابسه ؛ قال في النهاية : معاناة الشيء : ملابسته ومباشرته . ۱
أو مهمّ من اهتمّ به ؛ من قولهم : عنيت به فأنا عانٍ ، أي اتّهمت به واشتغلت ؛ أو أسيرٌ من اُسره . وفي النهاية : «العاني : الأسير ، وكلّ من ذلّ واستكان وخضع فقد عنا يعنو، فهو عانٍ». ۲
أو محبوس من حبسه . وفي النهاية : «وعَنّوا بالأصوات أي احبسوها» . ۳ والمعنى أي المقصود بالاسم غير الغاية أي غير ما نتصوّره ونعقله .
ثمّ اعلم أنّه على بعض التقادير يمكن أن يقرأ «واللّهِ» بالكسر بأن يكون الواو واوَ القسم .
قوله : «غير موصوف بحدّ» أي الحدود الجسمانيّة ، أو الصفات الإمكانيّة ، أو الحدود العقليّة .
وقوله : «مسمّى» صفة بحدّ للتعميم ، كقوله تعالى : «لَمْ يَكُنْ شَيْئا مَذْكُورا»۴ ، ويُحتمل أن يكون المراد أنّه غير موصوف بالصفات التي هي مدلولات تلك الأسماء ، وقيل : هو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف .
قوله : «لم يتكوّن فيعرف كينونته بصنعٍ غيره» قيل : المراد أنّه لم يتكوّن فيكونَ محدثا بفعل غيره ، فيعرفَ كينونته وصفات حدوثه بصنع صانعه كما تعرف المعلولات بالعلل .
أقول : لعلّ المراد أنّه غير مصنوع حتّى يُعرف بالمقايسة إلى مصنوعٍ آخر ، كما يعرف المصنوعات بمقايسة بعضها إلى بعض ، فيكون الصنع بمعنى المصنوع و«غيره» صفة له ، أو أنّه لا يُعرف بحصول صورة هي مصنوعة لغيره ؛ إذ كلّ صورة ذهنيّة مصنوعةٌ للمدرك ، معلولة له .