يكون المراد باللّه المفهوم الصفتي . 
 وعلى هذا يكون الباء في «بحجابٍ» أو «مثال» أيضا للملابسة لئلّا ينقطع نظم الكلام ، فالمعنى أنّه من حاول أن يعرف اللّه تعالى زاعما أنّه ملابس بحجاب أي هو وراء حجاب كالملوك المتجبّرة ، وبصورة أي هو ذو شكلٍ وهيأة وتخطيط كالشابّ الموفّق ، وبمثال أي هو ذو مقدار وكميّة كالأجسام المعروفة . 
 في القاموس : «المثال : المقدار ، وصفة الشيء» . ۱
 وهذا المثال أنسب بمقتضى الحال من أن يُقال : المراد المتّصل والمنفصل اللذين بين الفلاسفة ، وكذا الحجاب اللغوي أربطُ بالمقام ممّا لا يكاد يصل إلى الأفهام . 
 نعم ، إذا حمل الباء على الاستعانة احتيج إلى ذلك ، وتعليل الاشتراك بأنّ حجابه ومثاله وصورته غيره يدلّ على أنّها بزعمهم أشياء تلازم الذات، ولا يكون الذات بدونها حتّى يتحقّق التعدّد المعتبر في الإشراك ، وإلّا فمجرّد المعرفة بالغير لايوجب إشراكا كما في معرفته تعالى بأفعاله المحكمة المتقنة وهي غيره ، وأنّى يتصوّر زعم التلازم المذكور بين الذات الأقدس والحجاب بمعنى أئمّة الضلال وعلماء السوء ، أو بمعنى الرسول المبيِّن ، والصورة بمعنى الصورة الذهنيّة والخياليّة ، والمثال بمعنى المماثل بوجه ، أو بالمعنى الذي عند الفلاسفة . 
فقوله عليه السلام : (وكيف وحّده مَن زَعَمَ أنّه عَرَفَه بغيره) [ح ۴ / ۳۱۱] يعني ملابسا بغيره .وقوله : (إنّما عَرَفَ اللّه ) أي عرف الذات الأقدس (مَنْ عَرَفَه بِاللّهِ) [ح ۴ / ۳۱۱] أي بهذا المفهوم الذي جمع فيه جميع الصفات الكماليّة والتقديسيّة . 
 ويرجع إلى هذا المعنى ما في حديث موسى بن جعفر عليهماالسلامبعد نقل هذا الحديث، وقد سُئل عن معنى اللّه ، فقال : «استولى على ما دقّ وجلّ» ۲ . 
 والمعرفة بهذا المفهوم بمعنى الإذعان بأنّه تعالى يصدق عليه هذا المفهوم ، وهو يستحقّه بنفس ذاته تعالى شأنه عمّا يصفه المشبّهون علوّا كبيرا .