ما هو نفس المسمّى ، مثل «اللّه » الدالّ على الوجود أي الذات ؛ وما هو غيره ، كالخالق والرازق ونحو ذلك ممّا يدلّ على فعل ؛ وما لا يقال إنّه هو ولا غيره ، كالعالم والقادر وكلّ ما يدلّ على الصفات ، وأمّا التسمية فغير الاسم والمسمّى .
وتوضيحه أنّهم يريدون بالتسمية اللفظَ ، وبالاسم مدلولَه ، كما يريدون بالوصف قولَ الواصف ، وبالصفة مدلولَه ، وكما يقولون : القراءة حادثة والمقروء قديم ، إلّا أنّ الأصحاب اعتبروا المدلول المطابقيَّ ، فأطلقوا القول بأنّ الاسم نفس المسمّى ؛ للقطع بأنّ مدلول الخالق شيء ما له الخلق، لا نفس الخلق ، ومدلول العالم شيء ما له العلم ، لا نفس العلم ، والشيخ أخذ المدلول أعمَّ ، واعتبر في أسماء الصفات المعانيَ المقصودةَ ، فزعم أنّ مدلول الخالق الخلق وهو غير الذات ، ومدلول العالم العلم ، وهو لا عين ولا غير . انتهى .
وإذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ الظاهر أنّ المراد بالأسماء الدالّة على الذات من غير ملاحظة صفة ، وبالصفات ما يدلّ على الذات متّصفا بصفة ، واستفسر عليه السلام مراد السائل وذكر محتملاته وهي ثلاثة ، وينقسم بالتقسيم الأوّل إلى احتمالين ؛ لأنّ المراد إمّا معناه الظاهري ، أو مأوّل بمعنى مجازي .
الأوّل : أن يكون المراد كونَ كلّ واحد من تلك الأسماء والحروف المؤلّفة عينَ ذاته تعالى ، فحكم عليه السلام بأنّه تعالى منزّه عن ذلك ؛ لاستلزامه تركّبه وحدوثه وتعدّده ؛ تعالى اللّه عن ذلك .
الثاني : أن يكون قوله «هي هو» كنايةً عن كونها دائمةً معه في الأزل ، فكأنّها عينه. وهذا يحتمل معنيين :
الأوّل: أن يكون المراد أنّه تعالى كان [في الأزل] مستحقّا لإطلاق تلك الأسماء عليه ، وكونِ تلك الأسماء في علمه تعالى من غير تعدّد في ذاته وصفاته ومن غير أن يكون معه شيء في الأزل ؛ فهذا حقّ .
الثاني : أن يكون المراد كونَ تلك الأصوات والحروف المؤلّفة دائما معه في الأزل ؛ فمعاذ اللّه أن يكون معه غيره في الأزل . وهذا صريح في نفي تعدّد القدماء ، ولا يقبل التأويل .
ثمّ أشار عليه السلام إلى حكمة خلق الأسماء والصفات بأنّها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون