371
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ما هو نفس المسمّى ، مثل «اللّه » الدالّ على الوجود أي الذات ؛ وما هو غيره ، كالخالق والرازق ونحو ذلك ممّا يدلّ على فعل ؛ وما لا يقال إنّه هو ولا غيره ، كالعالم والقادر وكلّ ما يدلّ على الصفات ، وأمّا التسمية فغير الاسم والمسمّى .
وتوضيحه أنّهم يريدون بالتسمية اللفظَ ، وبالاسم مدلولَه ، كما يريدون بالوصف قولَ الواصف ، وبالصفة مدلولَه ، وكما يقولون : القراءة حادثة والمقروء قديم ، إلّا أنّ الأصحاب اعتبروا المدلول المطابقيَّ ، فأطلقوا القول بأنّ الاسم نفس المسمّى ؛ للقطع بأنّ مدلول الخالق شيء ما له الخلق، لا نفس الخلق ، ومدلول العالم شيء ما له العلم ، لا نفس العلم ، والشيخ أخذ المدلول أعمَّ ، واعتبر في أسماء الصفات المعانيَ المقصودةَ ، فزعم أنّ مدلول الخالق الخلق وهو غير الذات ، ومدلول العالم العلم ، وهو لا عين ولا غير . انتهى .
وإذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ الظاهر أنّ المراد بالأسماء الدالّة على الذات من غير ملاحظة صفة ، وبالصفات ما يدلّ على الذات متّصفا بصفة ، واستفسر عليه السلام مراد السائل وذكر محتملاته وهي ثلاثة ، وينقسم بالتقسيم الأوّل إلى احتمالين ؛ لأنّ المراد إمّا معناه الظاهري ، أو مأوّل بمعنى مجازي .
الأوّل : أن يكون المراد كونَ كلّ واحد من تلك الأسماء والحروف المؤلّفة عينَ ذاته تعالى ، فحكم عليه السلام بأنّه تعالى منزّه عن ذلك ؛ لاستلزامه تركّبه وحدوثه وتعدّده ؛ تعالى اللّه عن ذلك .
الثاني : أن يكون قوله «هي هو» كنايةً عن كونها دائمةً معه في الأزل ، فكأنّها عينه. وهذا يحتمل معنيين :
الأوّل: أن يكون المراد أنّه تعالى كان [في الأزل] مستحقّا لإطلاق تلك الأسماء عليه ، وكونِ تلك الأسماء في علمه تعالى من غير تعدّد في ذاته وصفاته ومن غير أن يكون معه شيء في الأزل ؛ فهذا حقّ .
الثاني : أن يكون المراد كونَ تلك الأصوات والحروف المؤلّفة دائما معه في الأزل ؛ فمعاذ اللّه أن يكون معه غيره في الأزل . وهذا صريح في نفي تعدّد القدماء ، ولا يقبل التأويل .
ثمّ أشار عليه السلام إلى حكمة خلق الأسماء والصفات بأنّها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
370

إلى زيادة» كالاختلاف والتغيّر في الكمّيّات المتّصلة أو المنفصلة ، فكلّ شيء له نهاية وزوال «إلّا ربّ العالمين ؛ فإنّه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة ، هو الأوّل قبل كلّ شيء» فإنّه مبدأ كلّ شيء وفاعله «وهو الآخر» لعدم زواله وعدم تغيّر صفاته وأسمائه الدالّة على الصفات كاختلافها على غيره ، كالإنسان «الذي يكون» بمادّته «ترابا مرّةً ، ومرّةً لحما ودما ، ومرّة رُفاتا ورميما».
الرّفات : كلّ ما دقّ وكسر ، وغلب استعماله في العظم . والرميم : العظم البالي.
«وكالبسر الذي يكون مرّة بلحا». والبلح ـ بالحاء المهملة محرّكة ـ : ما بين الخلال والبسر ، وثمر النخل إذا اخضرّ واستدار فخلال ، وإذا عظم فبسر ؛ فإذا انتهى نضجه فرطب ، فإذا جفّ ويبس تمر ، فالبسر في التبدّل والتغيّر في الأسماء والصفات ، وكذا الإنسان وسائر المخلوقات فلجميع المخلوقات زوال بوجه ، وهو سبحانه باقٍ لا يزول بوجه من الوجوه ، فهو الآخِر الباقي بعد زوال الأشياء وفنائها . ۱ انتهى كلامه ، رفع اللّه مقامه .
قوله : (أسماؤُهُ وصفاتُهُ هي هو) . [ح ۷ / ۳۱۸]
في البحار :
اعلم أنّ المتكلّمين اختلفوا في أنّ الاسم هل هو عين المسمّى أو غيره؟ فذهب أكثر الأشاعرة إلى الأوّل ، والإماميّة والمعتزلة إلى الثاني، وقد وردت هذه الأخبار ردّا على القائلين بالعينيّة ، وأوّل بعض المتأخّرين كلامهم لسخافته ، وإن كانت كلماتهم صريحةً في ما نسب إليهم .
قال شارح المقاصد : الاسم هو اللفظَ المفرد الموضوع للمعنى على ما يعمّ أنواع الكلمة ، وقد يقيّد بالاستقلال والتجرّد عن الزمان ، فيقابل الفعلَ والحرف على ما هو مصطلح النحاة ، والمسمّى هو المعنى الذي وضع له الاسم بإزائه ، والتسمية هو وضع الاسم للمعنى . وقد يُراد بها ذكر الشيء باسمه كما يقال : فلان يسمّى زيدا ولم يسمّ عمروا .
ولا خفاء في تغاير الاُمور الثلاثة ، وإنّما الخفاء فيما ذهب إليه بعض أصحابنا من أنّ الاسم نفس المسمّى ، وفيما ذكره الشيخ الأشعري من أنّ أسماء اللّه تعالى ثلاثة أقسام:

1.الحاشية على اُصول الكافي لميرزا رفيعا ، ص ۳۸۹ ـ ۳۹۰ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103666
صفحه از 637
پرینت  ارسال به