وصفاته تعالى ، وبيان أنّ صفات المخلوقات مشوبة بأنواع العجز ، واللّه تعالى متّصفٌ بها ، معرّى عن جهات النقص والعجز كالسمع ؛ فإنّه فينا هو العلم بالمسموعات بالحاسّة المخصوصة ، ولمّا كان توقّف علمنا على الحاسّة لعجزنا ، وكان حصوله لنا من جهة تجسّمنا وإمكاننا ونقصنا ، وأيضا ليس علمنا من ذاتنا لعجزنا، وعلمنا حادث لحدوثنا ، وليس علمنا محيطا بحقائق ما نسمعه كما هي ؛ لقصورنا عن الإحاطة بها ، وكلّ هذه نقص ذلك الكمال ، فقد أثبتنا له تعالى ما هو الكمال وهو أصل العلم ، ونفينا عنه جميع تلك الجهات التي هي من سِمات النقص والعجز ، ولمّا كان علمه تعالى غيرَ متصوّر لنا بالكنه وأنّا لمّا رأينا الجهل فينا نقصا ، نفيناه عنه ، فكأنّا لم نتصوّر من علمه تعالى إلّا عدم الجهل ، فإثباتنا العلم له تعالى إنّما يرجع إلى نفي الجهل ؛ لأنّا لم نتصوّر علمه تعالى إلّا بهذا الوجه .
وإذا تدبّرت في تلك حقَّ التدبّر ، وجدته نافيا لما يدّعيه جماعة من الاشتراك اللفظي في الوجود وسائر الصفات لا مثبتا ، وقد عرفت أنّ الأخبار الدالّة على نفي التعطيل تنفي هذا القول . ۱ انتهى .
قوله : (إنْ كنتَ تقول هِيَ هُوَ) . [ح ۷ / ۳۱۸]
في حواشي السيّد الجليل الرفيع:
استفسر عليه السلام عن مراد السائل بقوله : «هي هو» وذكر محتملاته وحكمَ كلّ منها ، فقال : إن كان المراد أنّها كثيرة معدودة، وهو متكثّر متعدّد على وفق كثرتها ، فتعالى اللّه سبحانه من التعدّد والتكثّر ، وإن كان المراد أنّ هذه الأسماء والصفات له سبحانه لم تزل ، فإن قلت : لم تزل هذه له بوجودها العلمي الظلّي في علمه سبحانه ، ولم يزل بحيث إذا عرف عرف مستحقّا لها ، فنعم ، وإن قلت : «لم يزل تصويرها» أي ثبوت حقائق الأسماء والصفات «وهجاها» أي شكلها أو تقطيع الكلمات بحروفها «وتقطيع حروفها» ـ وقوله : «وتقطيع حروفها» كالمفسّر ل «هجاها» على ثاني الاحتمالين ـ فعلى جميع هذه الشقوق يلزم أن يكون مع اللّه موجود عيني مغاير له ، غير مسبوق بالعدم؛ ومعاذ اللّه أن يكون معه شيء مغاير له عينا محدث .