373
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وصفاته تعالى ، وبيان أنّ صفات المخلوقات مشوبة بأنواع العجز ، واللّه تعالى متّصفٌ بها ، معرّى عن جهات النقص والعجز كالسمع ؛ فإنّه فينا هو العلم بالمسموعات بالحاسّة المخصوصة ، ولمّا كان توقّف علمنا على الحاسّة لعجزنا ، وكان حصوله لنا من جهة تجسّمنا وإمكاننا ونقصنا ، وأيضا ليس علمنا من ذاتنا لعجزنا، وعلمنا حادث لحدوثنا ، وليس علمنا محيطا بحقائق ما نسمعه كما هي ؛ لقصورنا عن الإحاطة بها ، وكلّ هذه نقص ذلك الكمال ، فقد أثبتنا له تعالى ما هو الكمال وهو أصل العلم ، ونفينا عنه جميع تلك الجهات التي هي من سِمات النقص والعجز ، ولمّا كان علمه تعالى غيرَ متصوّر لنا بالكنه وأنّا لمّا رأينا الجهل فينا نقصا ، نفيناه عنه ، فكأنّا لم نتصوّر من علمه تعالى إلّا عدم الجهل ، فإثباتنا العلم له تعالى إنّما يرجع إلى نفي الجهل ؛ لأنّا لم نتصوّر علمه تعالى إلّا بهذا الوجه .
وإذا تدبّرت في تلك حقَّ التدبّر ، وجدته نافيا لما يدّعيه جماعة من الاشتراك اللفظي في الوجود وسائر الصفات لا مثبتا ، وقد عرفت أنّ الأخبار الدالّة على نفي التعطيل تنفي هذا القول . ۱ انتهى .
قوله : (إنْ كنتَ تقول هِيَ هُوَ) . [ح ۷ / ۳۱۸]
في حواشي السيّد الجليل الرفيع:
استفسر عليه السلام عن مراد السائل بقوله : «هي هو» وذكر محتملاته وحكمَ كلّ منها ، فقال : إن كان المراد أنّها كثيرة معدودة، وهو متكثّر متعدّد على وفق كثرتها ، فتعالى اللّه سبحانه من التعدّد والتكثّر ، وإن كان المراد أنّ هذه الأسماء والصفات له سبحانه لم تزل ، فإن قلت : لم تزل هذه له بوجودها العلمي الظلّي في علمه سبحانه ، ولم يزل بحيث إذا عرف عرف مستحقّا لها ، فنعم ، وإن قلت : «لم يزل تصويرها» أي ثبوت حقائق الأسماء والصفات «وهجاها» أي شكلها أو تقطيع الكلمات بحروفها «وتقطيع حروفها» ـ وقوله : «وتقطيع حروفها» كالمفسّر ل «هجاها» على ثاني الاحتمالين ـ فعلى جميع هذه الشقوق يلزم أن يكون مع اللّه موجود عيني مغاير له ، غير مسبوق بالعدم؛ ومعاذ اللّه أن يكون معه شيء مغاير له عينا محدث .

1.بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۱۵۵ ـ ۱۵۷ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
372

بها إليه ، وهي «ذكره» بالضمير ، أي يذكر بها ، والمذكور بالذكر قديم ، والذكر حادث .
ومنهم من قرأ بالتاء ، قال الجوهري : «الذكر والذكرى نقيض النسيان ، وكذلك الذكرة» . ۱
قوله عليه السلام : «والأسماء والصفات مخلوقات». النسخ هاهنا مختلفة :
ففي التوحيد : «مخلوقات المعاني» ۲ أي معانيها اللغويّة ومفهوماتها الكلّيّة :
وفي الاحتجاج : ليس لفظ «المعاني» أصلاً . ۳
وفي الكافي : «والمعاني» بالعطف .
والمراد بها إمّا مصداق مدلولاتها، ويكون قوله «والمعنيّ بها» عطف تفسيري له ، أو هي معطوفة على الأسماء ، أي والمعاني وهو حقائق مفهومات الصفات مخلوقة ؛ أوالمراد بالأسماء الألفاظ ، وبالصفات ما وضع ألفاظها .
وقوله : «مخلوقات والمعاني» خبران لقوله : «الأسماء والصفات» أي الأسماء مخلوقات، والصفات هي المعاني .
قوله : «والمعنيّ بها هو اللّه » أي المقصود بها والمذكور بالذِّكر ومصداق تلك المعاني المطلوبة بها هو ذات اللّه ، والمراد بالاختلاف تكثّر الأفراد، أوتكثّر الصفات ، أوالأحوال المتغيّرة ، أو اختلاف الأجزاء وتباينها بحسب الحقيقة ، أو الانفكاك والتحلّل ، وبالائتلاف التركيب من الأجزاء ، أو الأجزاء المتّفقة الحقائق .
قوله عليه السلام : «فإذا نفى اللّه الأشياء» استدلال على مغايرته تعالى للأسماء وهجاها وتقطيعها والمعاني الحاصلة منها في الأذهان من جهة النهاية ، كما أنّ المذكور سابقا كان من جهة البداية .
والحاصل أنّ علمه تعالى ليس عينَ قولنا: «علم» وليس اتّصافه تعالى به متوقّفا على التكلّم بذلك ، وكذا الصور الذهنيّة ليست عينَ حقيقة صفاته تعالى بالصفات متوقّفةً على حصول تلك الصور ؛ إذ بعد فناء الأشياء تفنى تلك الاُمور مع بقائه تعالى متّصفا بجميع الصفات الكماليّة ، كما أنّ قبل حدوثها كان متّصفا بها .
ثمّ اعلم أنّ المقصود ممّا ذكر في هذا الخبر وغيره من أخبار البابين هو نفي تعقّل كنه ذاته

1.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۶۴ (ذكر) .

2.التوحيد ، ص ۱۹۳ ، ح ۷ .

3.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۴۴۲ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103642
صفحه از 637
پرینت  ارسال به