397
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

لأخجلته اليوم لكم في مسألتي إيّاه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هل رأيت ربّك؟ فقال : «ويلك يا ذعلب ، لم أكن بالذي أعبد ربّا لم أره» الحديث . ۱قوله : (لطيفُ اللطافةِ ، لا يوصَفُ بِاللطفِ) . [ح ۴ / ۳۵۳]
في القاموس :
لطف كنصر لطفا ـ بالضمّ ـ : رفق ودنا ، ولطف اللّه لك : أرسل إليك مرادك بلطف، وككرم لطفا ولطافة : صغر ودقّ . واللطيف : البَرّ بعباده ، المحسن إلى خلقه بإيصال المنافع إليهم برفق ولطف، أو العالم بخفايا الاُمور ودقائقها ؛ ومن الكلام ما غمض معناه وخفي . واللطف من اللّه تعالى : التوفيق والعصمة . وألطفه بكذا ، أي برّه به . والاسم : اللطف بالتحريك ؛ يُقال : جاءنا لَطَفة من فلان ، أي هديّة . ۲
وفي النهاية :
من أسماء اللّه تعالى «اللطيف» هو الذي اجتمع له الرفق في الفعل ، والعلم بدقائق المصالح ، وإيصالها إلى ما قدّرها له من خلقه ، يُقال: لطف به وله ـ بالفتح ـ يلطف لطفا : إذا رفق به ، فأمّا لطف ـ بالضمّ ـ فمعناه صغر ودقّ . ۳
أقول : خرج من تضاعيف كلام هؤلاء الأعلام أنّ اللطافة مخصوصة بمعنى الدقّة والصِغَر ، واللطف بغير التحريك مشترك بينه وبين غيره ، وبالتحريك اسم المصدر، ولم يظفروا باللطف على وزن الرعب ، فقوله عليه السلام : «لا يوصف باللطف» أي باللطافة ، والغرض أنّ قولنا : «لطيف» لطافته ليست باعتبار المبادئ ـ حتّى يكون متّصفا باللطافة ، غاية الأمر أنّ لطافته اللطافات ـ بل باعتبار الغايات ، أي ليس لتحديق النظر ، ولا لتعميق الوهم والفكر مطمع فيه سبحانه ، وكذلك الفقرات الآتية (شعر) :

گفتم همه ملك حسن سرمايه تستخورشيد فلك چو ذرّه در سايه تست
گفتا غلطى۴ز ما نشان نتوان يافتآن ما تو هر آنچه يابى آن پايه تست
والعِظَم والكِبَر والغِلَظ كلّها على وزن عِنَب كما ذكر في القاموس . ۵

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۹۵ (لطف) .

2.التوحيد ، ص ۳۰۵ ، ح ۱ .

3.النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۵۱ (لطف) .

4.في هامش النسخة : «هَىْ هَىْ ـ خ ل» .

5.اُنظر: القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۵۲ (عظم) ؛ و ج ۲ ، ص ۱۲۴ (كبر) ؛ و ج ۲ ، ص ۳۹۷ (غلظ).


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
396

وينبغي أن يقرأ قوله: «دالّة» بالنصب على أنّه حال عن المتعاديات والمتدانيات ، وكذا قوله عليه السلام : «شاهدة» و«مخبرة» .
ومنها: قوله : ليُعْلَمَ أن لا حجابَ بينه وبين خلقه» فإنّ هناك: «بينه وبين خلقه غير خليقته» . وفي خطبة الرضا عليه السلام : «حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبينها غيرها». وفي موضع آخَر من تلك الخطبة : «خلقة اللّه الخلق حجاب بينه وبينهم» .
ثمّ إنّ لهذه الخطبة تتمّةً لم ينقلها المصنّف ؛ ففي التوحيد بعد قوله : «إذ لا مسموع»: ثمّ أنشأ يقول ، (شعر) :

ولم يزل سيّدي بالحمد معروفاولم يزل سيّدي بالجود موصوفا
وكنت إذ ليس نورٌ يستضاء بهولا ظلامٌ على الآفاق معكوفا
فربّنا بخلاف الخلق كلّهموكلّ ما كان في الأوهام موصوفا
ومن يروه على التشبيه ممتثلاًيرجع أخا حصر بالعجز مكتوفا
وفي المعارج يلقى موج قدرتهموجا يعارض طرف الروح مكفوفا
فاترك أخا جدلٍ في الدِّين منعمقاقد باشر الشرك فيه الرأي مأروفا
واصحب أخا ثقةٍ حبّا لسيّدهوبالكرامات من مولاه محفوفا
أمسى دليل الهدى في الأرض منتشراوفي السماء جميل الحال معروفا
قال : فخرَّ ذعلب مغشيّا عليه ، ثمّ أفاق وقال : ما سمعت بهذا الكلام، ولا أعود إلى شيء من ذلك .
وذكر الصدوق قبل هذا الخبر خبرا طويلاً مشتملاً على مضامينَ لطيفةٍ في معرفة اللّه ، وفيه أنّه بعدما قال أمير المؤمنين عليه السلام في أثناء خطبةٍ : «سلوني قبل أن تفقدوني ؛ فواللّه الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو سألتموني [عن] آية آية في ليلة اُنزلت ، أو في نهار اُنزلت، مكّيّها ومدنيّها ، وسفريّها وحضريّها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها ، تأويلها وتنزيلها لأخبرتكم» قام إليه رجل يُقال له: «ذعلب» وكان ذرب اللسان ، بليغا في الخطب ، شجاعَ القلب ، فقال : ارتقى ابن أبي طالب مرقاةً صعبة

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144673
صفحه از 637
پرینت  ارسال به