شرح الخطبة من كتاب بحار الأنوار:
قال الفاضل المحقّق صاحب البحار بعد نقل الخبر من العيون :
في الاحتجاج رواه مرسلاً من قوله : «وكان المأمون لمّا أراد أن يستعمل الرضا عليه السلام » . ۱
وفي أمالي المفيد عن الحسن بن حمزة العلوي ، عن محمّد الحميري ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن مروك بن عبيد ، عن محمّد بن زيد الطبري ، قال : سمعت الرضا عليه السلام يتكلّم في توحيد اللّه ، فقال : «أوّل عبادة اللّه معرفته» إلى آخر الخطبة . ۲
ثمّ قال :
«مليّا» أي طويلاً . والانتفاض شبه الارتعاد والاقشعرار .
قوله عليه السلام : «أوّل عبادة اللّه » أي أشرفها وأقدمها زمانا ورتبةً ؛ لاشتراط قبول سائر العبادات بها ، وأصل المعرفة التوحيد ؛ إذ مع إثبات الشريك أو القول بتركّب الذات أو زيادة الصفات يلزم القول بالإمكان ، فلم يعرف المشرك الواجبَ ولم يثبته ، ونظام التوحيد وتمامه نفي الصفات الزائدة الموجودة عنه ؛ إذ أوّل التوحيد نفي الشريك ، ثمّ نفى التركيب ، ثمّ نفي الصفات الزائدة ، فهذا كماله ونظامه .
ثمّ استدلّ على نفي زيادة الصفات ، ويمكن تقريره بوجوه :
[الوجه] الأوّل : أن يكون إشارةً إلى دليلين :
الأوّل : أنّ كلّ صفة وموصوف لابدّ من أن يكونا مخلوقين ؛ إذ الصفة محتاجة إلى الموصوف لقيامها به وهو ظاهر ، والموصوف محتاج إلى الصفة في كماله والصفة غيره ، وكلّ محتاج إلى الغير ممكن ، فلا يكون شيء منهما واجبا ولا المركّب منهما ، فثبت احتياجهما إلى علّة ثالثة ليس بموصوف ولا صفة ، وإلّا لعاد المحذور .
الثاني : أنّ الصانع لابدّ أن يكون كاملاً أزلاً وأبدا ؛ لشهادة جميع العقول به ، فلابدّ من أن يكون الصفات الزائدة مقارنة له غير منفكّة عنه ، ولا يجوز قِدم الجميع ؛ لبطلان تعدّد القدماء ، فيلزم حدوث الذات والصفات معا ، فلا يكون شيء منهما واجبا ، فالمراد بقوله : «شهادة كلّ موصوف وصفة» شهادة كلّ موصوف فرض كونه صانعا وصفته ، أو الصفات اللازمة للذوات .