409
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وزعم أنّه وصل إلى كنهه .
قوله عليه السلام : «ولا صمد صمده» أي لا قصد نحوه من أشار إليه إشارةً حسّيّة ، أو الأعمّ منها ومن الوهميّة والعقليّة .
وفي مجالس المفيد رحمه الله : «من أشار إليه بشيء من الحواسّ» .
قوله عليه السلام : «مَن بعّضه» أي حكم بأنّ له أجزاءً وأبعاضا فهو في عبادته لم يتذلّل للّه تعالى ، بل لمن عرفه ، وهو غيره .
قوله عليه السلام : «مَن توهّمه» أي من تخيّل له في نفسه صورة أو هيئة وشكلاً ، أو المعنى أنّه كلّ ما يصل إليه عقول العارفين فهو غير كنهه تعالى .
قوله عليه السلام : «كلّ معروف بنفسه مصنوع» أي كلّ ما يعلم وجوده ضرورةً بالحواسّ من غير أن يستدلّ عليه بالآثار فهو مصنوع ، أو كلّ ما هو معلوم بكنه الحقيقة إمّا بالحواسّ أو الأوهام والعقول فهو مصنوع مخلوق ؛ إمّا لما ذكر أنّ كنه الشيء إنّما يعلم من جهة أجزائه ، وكلّ ذي جزء فهو مركّب ممكن ، وإمّا لما مرّ من أنّ الصورة العقليّة تكون أفرادا لتلك الحقيقة ، فيلزم التعدّد ، وهو يستلزم التركيب .
ويُحتمل أن يكون المعنى : أنّ الأشياء إنّما تعلم بصورها الذهنيّة ، والمعروف بنفسه هو نفس تلك الصورة ، وهو حالّ في محلّ ، والحالّ في المحلّ حادث ممكن محتاج ، فكيف يكون كنهَ حقيقة الباري سبحانه؟ فيكون قوله : «وكلّ قائم في سواه معلول» كالدليل عليها ، وعلى الأوّلين يكون نفيا لحلوله تعالى في الأشياء وقيامه بها .
ويؤيّد المعنى الأوّل قوله عليه السلام : «بصنع اللّه يستدلّ عليه» .
قوله عليه السلام : «وبالفطرة تثبت حجّته» أي بأن فطرهم وخلقهم خلقةً قابلةً للتصديق والمعرفة والإذعان والاستدلال عليه ، وبتعريفهم في الميثاق، وفطرهم على ذلك التعريف ، وقد مرّ بيانه في باب الدِّين الحنيف .
ويُحتمل أن يكون المراد هنا أنّ حجّته تمام على الخلق بما فطر وابتدع من خلقه .
قوله : «خلقة اللّه الخلق» أي كونه خالقا وأنّ الخالق لا يكون بصفة المخلوق ويكون مباينا له في الصفات صار سببا لاحتجابه عن الخلق ، فلا يدركونه بحواسّهم ولا عقولهم .
والحاصل أنّ كماله ونقصَ مخلوقِيهِ حجاب بينه وبينهم .
قوله عليه السلام : «ومباينته إيّاهم» أي مباينته تعالى إيّاهم ليس بحسب المكان ، حتّى يكون هو في


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
408

الوجه الثاني : أن يكون إشارة إلى دليلين على وجهٍ آخر :
الأوّل : أنّه لو كانت له تعالى صفات زائدة لكانت ممكنة ؛ لامتناع تعدّد الواجب ، ولايجوز أن يكون الواجب موجدا لها ؛ إمّا لامتناع كون الشيء قابلاً وفاعلاً لشيء واحد ، أو لأنّ تأثير الواجب فيهما يتوقّف على اتّصافه بتلك الصفات ؛ إذ لو لم يتوقّف التأثير في تلك الصفات ـ التي هي منشأ صدور جميع الممكنات عليها ـ لم يتوقّف التأثير في شيء عليها ، فلا يثبت له تعالى شيء من الصفات ، فتكون معلولة لغيره تعالى ، ومن كان جميع صفاته الكماليّة من غيره لا يكون واجبا صانعا لجميع الموجودات بالضرورة .
الثاني : أنّ التوصيف اقتران خاصّ يوجب الاحتياج من الجانبين كما مرّ ، والاحتياج موجب للحدوث المنافي للأزليّة .
الوجه الثالث : أن يكون راجعا إلى دليل واحد ، وتقريره : أنّه لو كانت الصفات زائدةً لكانت الذات والصفات مخلوقةً ، وهذا خلف . وبيّن الملازمة بقوله : «وشهادة كلّ صفة وموصوف بالاقتران» بنحو ما مرّ من الاحتياج المستلزم للإمكان .
قوله : «فليس اللّه من عُرف بالتشبيه ذاتُه » أي ليس من عُرف ذاته بالتشبيه بالممكنات واجبا ؛ لأنّه يكون ممكنا مثلها . ويمكن أن يُقرأ «اللّه » بالرفع والنصب، والأوّل أظهر .
قوله : «من اكتنهه» أي بيّن كنهه ، أو طلب الوصول إلى كنهه ؛ إذ لو كان يعرف كنهه لكان شريكا مع الممكنات في التركّب والصفات الإمكانيّة ، فهو ينافي التوحيد ، أو لأنّ حصول الكنه في الذهن يستلزم تعدّد أفراد الواجب كما قيل .
قوله عليه السلام : «من مثّله» أي جعل له شخصا ومثالاً ، أو مثله في ذهنه، وجعل الصورة الذهنيّة مثالاً له ، أو المراد : أثبت له مثلاً وشبّهه بغيره .
قال الفيروزآبادي : «مثّله له تمثيلاً : صوّره له حتّى كأنّه ينظر إليه . ومثّل فلانا ، وبه : شبّهه» ۱ انتهى .
وعلى ما ذكره يمكن أن يقرأ بالتخفيف أيضا .
قوله عليه السلام : «من نهّاه» بالتشديد ، أي جعل له حدّا و نهاية من النهايات الجسمانيّة ، ومن جعله كذلك فلم يصدّق بوجوده ، بل بممكن غيره . ويُحتمل أن يكون المعنى: جعله نهايةً لكفره ،

1.القاموس المحيط، ج ۴ ، ص ۴۹ (مثل) .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144560
صفحه از 637
پرینت  ارسال به