وزعم أنّه وصل إلى كنهه .
قوله عليه السلام : «ولا صمد صمده» أي لا قصد نحوه من أشار إليه إشارةً حسّيّة ، أو الأعمّ منها ومن الوهميّة والعقليّة .
وفي مجالس المفيد رحمه الله : «من أشار إليه بشيء من الحواسّ» .
قوله عليه السلام : «مَن بعّضه» أي حكم بأنّ له أجزاءً وأبعاضا فهو في عبادته لم يتذلّل للّه تعالى ، بل لمن عرفه ، وهو غيره .
قوله عليه السلام : «مَن توهّمه» أي من تخيّل له في نفسه صورة أو هيئة وشكلاً ، أو المعنى أنّه كلّ ما يصل إليه عقول العارفين فهو غير كنهه تعالى .
قوله عليه السلام : «كلّ معروف بنفسه مصنوع» أي كلّ ما يعلم وجوده ضرورةً بالحواسّ من غير أن يستدلّ عليه بالآثار فهو مصنوع ، أو كلّ ما هو معلوم بكنه الحقيقة إمّا بالحواسّ أو الأوهام والعقول فهو مصنوع مخلوق ؛ إمّا لما ذكر أنّ كنه الشيء إنّما يعلم من جهة أجزائه ، وكلّ ذي جزء فهو مركّب ممكن ، وإمّا لما مرّ من أنّ الصورة العقليّة تكون أفرادا لتلك الحقيقة ، فيلزم التعدّد ، وهو يستلزم التركيب .
ويُحتمل أن يكون المعنى : أنّ الأشياء إنّما تعلم بصورها الذهنيّة ، والمعروف بنفسه هو نفس تلك الصورة ، وهو حالّ في محلّ ، والحالّ في المحلّ حادث ممكن محتاج ، فكيف يكون كنهَ حقيقة الباري سبحانه؟ فيكون قوله : «وكلّ قائم في سواه معلول» كالدليل عليها ، وعلى الأوّلين يكون نفيا لحلوله تعالى في الأشياء وقيامه بها .
ويؤيّد المعنى الأوّل قوله عليه السلام : «بصنع اللّه يستدلّ عليه» .
قوله عليه السلام : «وبالفطرة تثبت حجّته» أي بأن فطرهم وخلقهم خلقةً قابلةً للتصديق والمعرفة والإذعان والاستدلال عليه ، وبتعريفهم في الميثاق، وفطرهم على ذلك التعريف ، وقد مرّ بيانه في باب الدِّين الحنيف .
ويُحتمل أن يكون المراد هنا أنّ حجّته تمام على الخلق بما فطر وابتدع من خلقه .
قوله : «خلقة اللّه الخلق» أي كونه خالقا وأنّ الخالق لا يكون بصفة المخلوق ويكون مباينا له في الصفات صار سببا لاحتجابه عن الخلق ، فلا يدركونه بحواسّهم ولا عقولهم .
والحاصل أنّ كماله ونقصَ مخلوقِيهِ حجاب بينه وبينهم .
قوله عليه السلام : «ومباينته إيّاهم» أي مباينته تعالى إيّاهم ليس بحسب المكان ، حتّى يكون هو في