الجسمانيّة له ، فقد جهل عظمته وتنزّهه .
قوله عليه السلام : «فقد تعدّاه» أي تجاوزه ولم تعرفه .
قوله : «من اشتمله» أي توهّمه شاملاً لنفسه محيطا به ؛ من قولهم: «اشتمل الثوب» إذا تلقّف به ، فيكون ردّا على القائلين بالحلول والاتّحاد ؛ أو من توهّم أنّه تعالى محيط بكلّ شيء إحاطةً جسمانيّةً. ويُحتمل أن يكون كنايةً عن نهاية المعرفة والوصول إلى كنهه .
وفي بعض نسخ التوحيد : «أشمله» أي جعل شيئا شاملاً له بأن توهّمه محاطا بمكان ، ومثله قوله عليه السلام : «من اكتنهه» أي توهّم أنّه أصاب كنهه .
قوله : «ومن قال : كيف» أي سأل عن الكيفيّات الجسمانيّة «فقد شبّهه» بخلقه. «ومَن قال : لِمَ» صار عالما أو قادرا «فقد علّله» بعلّة ، وليس لذاته وصفاته علّة .
وفي المجالس وأكثر نسخ التوحيد : «علّله» وهو أظهر .
«ومن قال : متى» وجد فقد وقّت أوّل وجوده ، وليس له أوّل . «ومن قال : فيِمَ» أي في أيّ شيء هو ، فقد جعله في ضمن شيء ، وجعل شيئا متضمّنا له ، وهو من خواصّ الجسمانيّات .
«ومَن قال : إلى م» أي إلى أيّ شيءٍ ينتهي شخصه «فقد نهاه» أي جعل له حدودا ونهاياتٍ جسمانيّةً ، وهو تعالى منزّه عنها .
«ومن قال : حتّى م» يكون وجوده «فقد غيّاه» أي جعل لبقائه غايةً ونهاية ، ومن جعل له غاية فقد غاياه ، أي حكم باشتراكه مع المخلوقين في الفناء ؛ فيصحّ أن يُقال : غايته قبل غاية فلان أو بعده ، ومن قال به فقد حكم باشتراكه معهم في المهيّة ، وفي الجملة فقد حكم بأنّه ذو أجزاء ، ومن قال به فقد وصفه بالإمكان والعجز وسائر نقائص الممكنات ، ومن حكم به فقد ألحد في ذاته تعالى .
ويُحتمل أن يكون المعنى أنّ من جعل لبقائه غاية فقد جعل لذاته أيضا غاياتٍ وحدودا جسمانيّةً، بناءً على عدم ثبوت مجرّدٍ سوى اللّه تعالى ، وتفرّع التجزّي وما بعده على ذلك ظاهر .
ويمكن أن يُقال : الغاية في الثاني بمعنى العلّة الغائيّة كما هو المعروف أو الفاعليّة ، وقد يُطلق عليها أيضا بناءً على أنّ المعلول ينتهي إليها ، فهي غاية له . فعلى الأوّل المعنى أنّه من حكم بانتهائه فقد علّق وجوده على غاية ومصلحة ، كالممكنات التي عند انتهاء المصلحة ينتهي بقاؤهم ؛ وعلى الثاني المراد أنّه لو كان وجوده واجبا لما تطرّق إليه الفناء ، فيكون مستندا