415
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وقال الفيروزآبادي : «جسا جسوّا : صلب» ۱ . وجسئت الأرض بالضمّ ، فهي مجسوءة من الجساء ، وهو الجلد الخشن والماء الجامد . ۲
و«الصرد» بفتح الراء وسكونها : البرد ، فارسيّ معرّب . والحرور ـ بالفتح ـ : الريح الحارّة .
قوله عليه السلام : «مؤلّف بين متعادياتها» كما ألّف بين العناصر المختلفة الكيفيّات ، وبين الروح والبدن ، وبين القلوب المتشتّتة الأهواء وغير ذلك .
«مفرّق بين متدانياتها» كما يفرّق بين أجزاء العناصر وكلّيّاتها للتركيب ، وكما يفرّق بين الروح والبدن ، وبين أجزاء المركّبات عند انحلالها ، والأبدان بعد موتها ، وبين القلوب المتناسبة الحكم لا يحصى ، فدلّ التأليف والتفريق المذكوران الواقعان على خلاف مقتضى الطبائع على قاسر يقسرها عليهما ، وكونها على غاية الحكمة ونهاية الإحكام على علم القاسر وقدرته وكماله .
قوله عليه السلام : «وذلك قول اللّه عزّوجلّ» يُحتمل أن يكون استشهادا لكون المضادّة والمقارنة دليلاً على عدم اتّصافه بهما ، كما فسّر بعض المفسّرين الآية بأنّ اللّه تعالى خلق كلّ جنس من أجناس الموجودات نوعين متقابلين وهما زوجان ؛ لأنّ كلّ واحد منهما مزدوج بالآخر ، كالذّكر والاُنثى ، والسواد والبياض ، والسماء والأرض ، والنور والظلمة، والليل والنهار ، والحارّ والبارد ، والرطب واليابس ، والشمس والقمر، والثوابت والسيّارات ، والسهل والجبل ، والبحر والبرّ ، والصيف والشتاء ، والجنّ والإنس ، والجهل والعلم ، والشجاعة والجبن ، والجُود والبخل ، والإيمان والكفر، والسعادة والشقاوة ، والحلاوة والمرارة ، والصحّة والسقم ، والغنى والفقر ، والضحك والبكاء ، والفرح والحزن ، والحياة والموت ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ، خلقهم كذلك ليتذكّروا أنّ لهم موجدا ليس هو كذلك .
ويُحتمل أن يكون استشهادا لكون التأليف والتفريق دالّاً على الصانع ؛ لدلالة خلق الزوجين على المفرّق والمؤلّف لهما ؛ لأنّه خلق الزوجين من واحد بالنوع ، فيحتاج إلى مفرّق يجعلهما متفرّقين، وجعلهما مزاوجين مؤلّفين ألّفه لخصوصهما ، فيحتاج إلى مؤلّف يجعلهما مؤتلفين ، وقيل : [كلّ] موجود دون اللّه ففيه زوجان اثنان ، كالمهيّة والوجود ، والوجوب والإمكان ، والمادّة والصورة ، والجنس والفصل ، وأيضا كلّ ما عداه يوصف بالمتضايفين ،

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۲ (جسا).

2.لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۸ (جسأ) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
414

محال ؛ [وإمّا منه ، وهو أيضا محالٌ ؛ لأنّها إن كانت من كمالات اُلوهيّته كان موجدا لها من حيث هو فاقد كمالاً ، فكان ناقصا بذاته ، وهذا محال ، و ]إن لم تكن كمالاً كان إثباتها له نقصا ؛ لأنّ الزيادة على الكمال نقصان ، فكان إيجاده لها مستلزما لنقصانه وهو محال . ۱
وقال ابن أبي الحديد : «وذلك لأنّ الجسم لا يصحّ منه فعل الأجسام ، وهذا هو الدليل يعوّل عليه المتكلّمون في أنّه تعالى ليس بجسم» . ۲
قوله عليه السلام : «بتجهيره الجواهر» أي بتحقيق حقائقها ، وبإيجاد مهيّاتها عرف أنّها ممكنة، وكلّ ممكن محتاج إلى مبدأ ، فمبدأ المبادي لا يكون حقيقةً من هذه الحقائق .
قوله عليه السلام : «وبمضادّته بين الأشياء عرف أن لا ضدّ له» المراد بالضدّ إمّا المعنى المصطلح ، أي موجودان متعاقبان على موضوع أو محلّ واحد ، أو المعنى العرفي الذي هو المساوي للشيء في القوّة .
فعلى الأوّل نقول : لمّا خلق الأضداد في محالّها، ووجدنا محتاجةً إليها ، علمنا عدم كونه ضدَّ الشيء ؛ للزوم الحاجة إلى محلّ ، المنافي لوجوب الوجود ؛ أو لأنّا لمّا رأينا كلّاً من الضدّين يمنع وجود الآخر ويدفعه ويُفنيه ، فعلمنا أنّه تعالى منزّه عن ذلك ؛ أو لأنّ التضادّ إنّما يكون للتحدّد بحدود معيّنة لا تجامع غيرها كمراتب الألوان والكيفيّات ، وهو تعالى منزّه عن الحدود ، وأيضا كيف يضادّ الخالق مخلوقه والفائض مفيضه ؟
وأمّا على الثاني ، فلأنّ المساوي في القوّة للواجب يجب أن يكون واجبا ، فيلزم تعدّد الواجب ، وقد مرّ بطلانه .
قوله عليه السلام : «وبمقارنته بين الاُمور» أي بجعل بعضها مقارنا لبعض ـ كالأعراض ومحالّها ، والمتمكّنات وأمكنتها ، والملزومات ولوازمها ـ عُرف أنّه ليس قرين مثلها؛ لدلالة كلّ نوع منها على أنواع النقص والعجز .
قوله عليه السلام : «ضادّ النور والظلمة» يدلّ على أنّ الكلمة أمرٌ وجوديّ كما هو المشهور إن كان التضادّ محمولاً على المعنى المصطلح .
و«الجلاية» : الوضوح والظهور . و«البهم» : الخفاء . وفي النهج : «والوضوح بالبهمة» وفسّرهما الشرّاح بالبياض والسواد . ولا يخفى بُعده .

1.شرح نهج البلاغة لابن ميثم، ج ۴، ص ۱۵۶.

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۳ ، ص ۷۳ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144446
صفحه از 637
پرینت  ارسال به