«وبها» أي بالعقول «احتجب عن الرؤية» لأنّ الحاكم بامتناع رؤيته هو العقل ، وإلى العقل يتحاكم الأوهام عند اختلافها .
قوله عليه السلام : «وفيها أثبت غيره» أي كلّ ما يثبت ويرتسم في العقل فهو غيره تعالى . ويُحتمل أن يكون مصدرا بمعنى المغايرة ، أي بها يثبت مغايرته للممكنات . ويمكن إرجاع الضمير إلى الأوهام ، أي القول بالشريك له تعالى فعل الوهم لا العقل لكن فيه تفكيك ، ومن العقول يستنبط الدليل على الأشياء ، وبالعقول عرّف اللّه العقولَ أو ذويها الإقرارَ به تعالى .
ويمكن إرجاع الضمير أيضا إلى الأوهام أي الأوهام ، معيّنة للعقل ، وآلات في استنباط الدليل ، وبالأوهام عرّف اللّه العقولَ الإقرارَ بأنّه ليس من جنسها وجنس مدركاتها .
وبما ذكرنا يظهر جواز إرجاع الضميرين في النهج إلى العقول ، كما أنّه يجوز إرجاع الضمائر هنا إلى الآلات والأدوات ولكنّهما بعيدان ، والأخير أبعد .
قوله : «ولا ديانة». الديانة مصدرُ دان يدين . وفي المصادر : «الديانة : دين دارگشتن» أي لا يدين بدين اللّه ؛ أو مِن دان ، بمعنى أطاع وعبد ، أي لا عبادة إلّا بعد معرفة اللّه .
والإخلاص هو جعل المعرفة خالصةً عمّا لا يناسب ذاته المقدّسة من الجسميّة والعَرَضيّة والصفات الزائدة والعوارض الحادثة ، وحَمْله على الإخلاص في العبادة لا يستقيم إلّا بتكلّف ، ولا يتحقّق الإخلاص مع تشبيهه تعالى [بخلقه] في الذات والصفات .
وفي بعض النسخ ـ كما في الاحتجاج ـ : «ولا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه». فقوله : «للتشبيه» متعلّق بالنفي ، أي لم يَنفِ التشبيهَ من أثبت له الصفاتِ الزائدةَ.
وفي أكثر النسخ : «للتنبيه». ولعلّ المراد به الإشارة إلى ما مرّ من أنّه يجب إخراجه تعالى عن حدّ النفي وحدّ التشبيه ، أي إذا نفينا عنه التشبيه لا يلزم النفي المطلق مع أنّا نثبت الصفات لتنبيه الخلق على وجه لا يلزم النقص ، كما تقول : عالم لا كعلم العلماء، قادر لا كقدرة القادرين . وإنّما قال : «للتنبيه» إشارةً إلى أنّه لا يمكن تعقّل كنه صفاته تعالى .
ثمّ بيّن عليه السلام ذلك بقوله : «فكلّ ما في الخلق» .
ثمّ استدلّ عليه السلام بعدم جريان الحركة والسكون عليه بوجوه :
الأوّل : أنّه تعالى أجراهما على خلقه وأحدثهما فيهم ، فكيف يجريان فيه ؟ إمّا بناءً على ما مرّ مرارا من أنّه تعالى لا يتّصف بخلقه ، ولا يستكمل به ، واستدلّ عليه بعضهم بأنّ المؤثّر واجب التقدّم بالوجود على الأثر ، فذلك الأثر إمّا أن يكون معتبرا في صفات الكمال ، فيلزم