لاشتراكه معهم في صفات الإمكان وما يوجب الاحتياجَ إلى العلّة لا مدلولاً عليه بأنّه صانع .
قوله عليه السلام : «ليس في محال القول حجّة» أي ليس في هذا القول المحال ـ أي إثبات الحوادث والصفات الزائدة له ـ حجّةٌ ، ولا في السؤال عن هذا القول ؛ لظهور خطائه جواب ، وليس في إثبات معنى هذا القول له تعالى تعظيم ، بل هو نقص له كما عرفت، وليس في إبانته تعالى عن الخلق في الاتّصاف بتلك الصفات ـ حيث نفيت عنه تعالى وأثبت فيهم ـ ضيمٌ ، أي ظلم على اللّه تعالى أو على المخلوقين ، إلّا بأنّ الأزلي يمتنع من الاثنينيّة ، وإثبات الصفات الزائدة يوجب الاثنينيّة في الأزليّ ، وبأنّ ما لا بدء ـ على المصدر ـ أو بديء له ـ على فعيل بمعنى مفعل ـ يمتنع من أن يبدأ ، ويكون له مبدأ ، أو ما نسبوا إليه تعالى ممّا مرّ مستلزم لكونه تعالى ذا مبدأ وعلّة ، فالمعنى أنّه لا يتوهّم ظلم إلّا بهذا الوجه ، وهذا ليس بظلم كما في قول الشاعر :
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهمبهنّ فلول من قراع الكتائب
والعادلون باللّه هم الذين يجعلون غيره تعالى معادلاً ومشابها له .
أقول : قد روى في تحف العقول [والنهج] مثل هذه الخطبة مع زيادات عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وقد أوردتها في أبواب خطبه عليه السلام . ۱
انتهى كلام الفاضل المحقّق صاحب البحار .
ولقد أحسن وأجاد في شرح هذه الخطبة الجليلة النبيلة وحلّ مشكلاتها وكشف غوامضها ، وبقي بعدُ خبايا في زوايا ، وأنا أرجو اللّه تعالى أن يوفّقني لإبراز بعضها فأقول :
قوله عليه السلام : «أوّل عبادة اللّه معرفته» فيه توفيق بين قوله تعالى : «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ»۲ والحديث القدسي المشهور : «كنت كنزا مخفيّا ، فأحببت أن اُعرف ، فخلقت الخلق لأن اُعرف» ۳ فقول من قال : «أي ليعرفون» إن كان مستندا إلى الرواية
1.بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۲۳۱ ـ ۲۴۷، مع اختلاف يسير.
2.الذاريات (۵۱) : ۵۶ .
3.بحار الأنوار ، ج ۸۷ ، ص ۱۹۸ و ۳۴۴ ؛ تفسير الكبير للرازي ، ج ۲۸ ، ص ۲۳۴ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ ؛ تفسير ابن عربي ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۵ ، ص ۱۶۳ ؛ تفسير أبي السعود، ج ۲ ، ص ۱۳۰ ؛ تفسير الآلوسي ، ج ۱۴ ، ص ۲۱۶ ؛ و ج ۱۷ ، ص ۱۲۱ .