في أدقّ معانيه مخلوق مصنوع مثلكم ، مردود إليكم ، ولعلّ النمل الصغار تتوهّم أنّ للّه تعالى زبانيتين ؛ فإنّ ذلك كمالها ، وتتوهّم أنّ عدمها نقصان لمن لم يتّصف بهما ، وهكذا حال العقلاء فيما يصفون اللّه تعالى» انتهى كلامه صلوات اللّه عليه وسلامه . ۱
وهذه الرواية نقلها الشيخ بهاء الملّة والدِّين في شرح الأربعين. هذا، ومن كان حصول معرفته من طريقٍ آخر على غير الوجه الذي ذكرناه ، فمحمولاته على حسب معرفته ، إن خيرا فخيرا ، وإن شرّا فشرّا ، فلو فرض أنّه عرفه سبحانه من جهة الرؤية ـ مثلاً ـ كان المحمول المناسب الطويلَ والقصيرَ والأبيضَ والأحمرَ وأمثالَها ، ولو فرض أنّه عرفه سبحانه من جهة اللمس كان المناسب الخشنَ والليّن ، وعلى هذا القياس في سائر الحواسّ ، ولو فرض المعرفة من جهة النقل فبحسب ما نقل ، فإن كان المنقول المعرّفُ الصفاتِ الذاتيّةَ، نُظر إلى أنّها هل هي من شأنها الحصول للناقل بإحدى الحواسّ ، فالمحمولات المناسبة بحسبها أو لا ، فهي صفاتُ إقرارٍ أو تقديساتٌ أو تنزيهات ، وإن كان الصفات المعروف بها الصفاتِ الفعليّةَ ـ أي صفاتٍ لها تعلّق بالأفعال ، سواء اُذعن بها من جهة النقل، أو من مشاهدة الآثار ـ فلا تدلّ على مبادٍ متغايرة مع اللّه سبحانه ؛ لأنّ أمر اللّه تعالى لا يُقاس باُمور خلقه ، فلعلّ ذاته الأقدس ـ الذي ليس كمثله شيء بأنّه هو ـ مبدأ لمفهومات متغايرة ظهرت غاياتها في الآفاق والأنفس ، ولم يكن هناك لها مبادٍ غيرُ الذات بلا شوب كثرة، فيرجع الأمر إلى أنّ الأسماء الحسنى لم تزل في علم اللّه تعالى بلا كيف ، أي كانت منكشفةً له في الأزل بلا صورة ومثال ، وهو تعالى مستحقّ لها بنفس ذاته ، وباستحقاق كلّ منها صحّ لنا أن ننفي عنه مقابله ، ففائدة حمل تلك الصفات [عليه] تعالى أمران ليس إلّا : أحدهما إظهار التصديق باستحقاقه تعالى بنفس ذاته المقدّسة ، المستلزم لنفي مقابلاتها عنه . والثاني الإذعان بغاياتها في أفعاله التي في عالم الملكوت كما في أفعاله التي في عالم المُلك ؛