427
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ما لا يجمع خطبة : «ما وَحَّدَه من كيّفه ، ولا حقيقته أصابَ من مَثَّلَه ، ولا إيّاه عنى من شَبَّهَه ، ولا صَمَدَه من أشار إليه وتوهّمه». ۱
في القاموس : «الصمد: القصد . والصمد : السيّد ؛ لأنّه يقصد» . ۲
وعلى ما في نهج البلاغة لا يبعد أن يقرأ «صمّده» بالتشديد على نحو ما في الخطبة من قوله عليه السلام : «ما وحّده» فيكون المعنى : ولا نسبه إلى الصمدانيّة ، كما [أنّ] معنى «ما وحّده» ما نسبه إلى الوحدانيّة وما قال بصمدانيّته ووحدانيّته .
وقوله عليه السلام : «بصنع اللّه يستدلّ عليه» فيه ردّ على من فسّر النظر على التوحيد بالاستغناء عن الاستدلال ، فقوله : «بالفطرة تثبت حجّته» أي بأن فُطر كلّ مولود بحيث لو خُلّي وطبعَه ولم يهوّده الأبوان ولم ينصّراه ولم يمجّساه، لأفضى به مشاهدةُ آيات اللّه في الآفاق والأنفس إلى التوحيد ، أي الإقرار باللّه وإلهيّته ووحدانيّته وصمدانيّته ، ففطرة اللّه الخلقَ على هذه الحيثيّة إتمام حجّته عليهم . وهذا الوجه أظهر وجوه صاحب البحار .
وقوله عليه السلام : «وابتداؤه إيّاهم دليل على أنّ الابتداء له» لم يتعرّض صاحب البحار لبيان أنّ المبتدِئ ـ بالكسر ـ ليس بمبتدأ ـ بالفتح ـ البتّة ، ولعلّ وجهه أنّ معنى الابتدائيّة طبيعيّة فاقرة الذات كما كشف عنه الصدور ، فلا توجد في الغنيّ بالذات .
وقال بعض الأفاضل في شرح التوحيد :
هاهنا ثلاثة مقامات :
الأوّل : أنّه كيف ذلك دليلاً ؟
والثاني : لِمَ صار يعجز الشيء الذي له ابتداء عن ابتداء غيره ؟
الثالث : يجتمع هذا مع القول بالأسباب والوسائط والعلل المتوسّطة من المبادئ العالية والسافلة .
أمّا المقام الأوّل : فالبرهان عليه هو المقام الثاني . بيان ذلك : أنّه قد تحقّق ببراهين إثبات

1.نهج البلاغة ، ص ۲۷۲ ، الخطبة ۱۸۶ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۰۸ (صمد) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
426

وبالجملة، المحسوس وغير المحسوس .
فإن عُني بعينيّة الصفات الاستحقاقُ لها بمجرّد الذات بلا تكثّر حيثيّات وجوديّة في الذات أو اُمور موجودة مع الذات ، فلا مُشاحّةَ في الاصطلاح بعد بيان المقصود ، غير أنّه لمّا لم يرد في الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار لفظُ «العينيّة» ـ بل الوارد إنّما هو نفي الصفات وإطلاق الأسماء الحسنى عليه تعالى ، والتصريحات بأنّه واحدٌ أحد ليس معه شيء لا قبلُ ولا الآنَ ـ لا ضرورة في إطلاق هذه اللفظة .
وقوله : «فليس اللّه [عرف] من عرف بالتشبيه ذاته». هكذا في التوحيد ، والموجود في عيون الأخبار : «فليس اللّه من عرف بالتشبيه ذاته» .
وصاحب البحار ـ وإن عنون الحديث برمزَيِ التوحيد وعيون الأخبار كليهما ـ نقل الحديث من عيون الأخبار ، ولذا قال : قوله عليه السلام : «فليس اللّه مَن عرف بالتشبيه» أي ليس من عرف ذاته بالتشبيه بالممكنات واجبا ؛ لأنّه يكون ممكنا مثلها ، ويمكن أن يقرأ «اللّه » بالرفع والنصب ، والأوّل أظهر .
أقول : بناء القراءتين على ما في العيون، والأصحّ ما في التوحيد ؛ لأنّ «مَن» على هذا عبارة عن الإنسان ، تكون مع الفقرات الآتية ـ أعني قوله : «ولا إيّاه وحّد من اكتنهه ، ولا حقيقته أصاب مَنْ مثّله ، ولا به صدّق من نهّاه ، ولا صمد صمده من أشار إليه ، ولا إيّاه عنى من شبّهه ، ولا له تذلّل من بعّضه ، ولا إيّاه أراد من توهّم» ـ على نسق واحد .
وعلى ما في العيون عبارة عن اللّه تعالى ، فيشوّش الكلام ، وحاشا المعصوم من ذلك .
وقوله : «ولا صمد صمده». في بعض نسخ التوحيد : «ولا صمده مَن أشار إليه» وبعض الأفاضل ما ذكر في شرحه للتوحيد ملتوى هذا ، ولم يتعرّض للنسخة الاُولى بوجه ۱ ، وكذا في بعض نسخ العيون أيضا .
وفي خطبة من خطب نهج البلاغة معنونة بأنّه يجمع هذه الخطبةُ من اُصول العلوم

1.راجع: شرح توحيد الصدوق للقاضي سعيد القمّي، ج ۱، ص ۱۲۴.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 143894
صفحه از 637
پرینت  ارسال به