ما لا يجمع خطبة : «ما وَحَّدَه من كيّفه ، ولا حقيقته أصابَ من مَثَّلَه ، ولا إيّاه عنى من شَبَّهَه ، ولا صَمَدَه من أشار إليه وتوهّمه». ۱
في القاموس : «الصمد: القصد . والصمد : السيّد ؛ لأنّه يقصد» . ۲
وعلى ما في نهج البلاغة لا يبعد أن يقرأ «صمّده» بالتشديد على نحو ما في الخطبة من قوله عليه السلام : «ما وحّده» فيكون المعنى : ولا نسبه إلى الصمدانيّة ، كما [أنّ] معنى «ما وحّده» ما نسبه إلى الوحدانيّة وما قال بصمدانيّته ووحدانيّته .
وقوله عليه السلام : «بصنع اللّه يستدلّ عليه» فيه ردّ على من فسّر النظر على التوحيد بالاستغناء عن الاستدلال ، فقوله : «بالفطرة تثبت حجّته» أي بأن فُطر كلّ مولود بحيث لو خُلّي وطبعَه ولم يهوّده الأبوان ولم ينصّراه ولم يمجّساه، لأفضى به مشاهدةُ آيات اللّه في الآفاق والأنفس إلى التوحيد ، أي الإقرار باللّه وإلهيّته ووحدانيّته وصمدانيّته ، ففطرة اللّه الخلقَ على هذه الحيثيّة إتمام حجّته عليهم . وهذا الوجه أظهر وجوه صاحب البحار .
وقوله عليه السلام : «وابتداؤه إيّاهم دليل على أنّ الابتداء له» لم يتعرّض صاحب البحار لبيان أنّ المبتدِئ ـ بالكسر ـ ليس بمبتدأ ـ بالفتح ـ البتّة ، ولعلّ وجهه أنّ معنى الابتدائيّة طبيعيّة فاقرة الذات كما كشف عنه الصدور ، فلا توجد في الغنيّ بالذات .
وقال بعض الأفاضل في شرح التوحيد :
هاهنا ثلاثة مقامات :
الأوّل : أنّه كيف ذلك دليلاً ؟
والثاني : لِمَ صار يعجز الشيء الذي له ابتداء عن ابتداء غيره ؟
الثالث : يجتمع هذا مع القول بالأسباب والوسائط والعلل المتوسّطة من المبادئ العالية والسافلة .
أمّا المقام الأوّل : فالبرهان عليه هو المقام الثاني . بيان ذلك : أنّه قد تحقّق ببراهين إثبات