429
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

أقول : ظهر من كلام الجوهري أنّ «المودين» اسم فاعل ، وصورة كتابته بالواو كما في «المؤمن» وهو جمع المذكّر السالم كالموصين .
والفاضل المحقّق شارح توحيد الصدوق ـ طاب ثراه ـ نقل «المتادين» بدل «المادين» ثمّ قال :
الأدْوَة ـ بفتح الهمزة وسكون الدال وفتح الواو ـ : الإبداء ، مصدر الإفعال ، وهو جعل الشيء ذا أداة ، و«المتادين» على المدّ من باب التفاعل من الأداة . ۱
في القاموس : «تآدى : أخذ للدهر أداته» . ۲
ولا يساعده النسخ التي رأيناها .
وقوله عليه السلام : «أسماؤه تعبير» أي مفهومات الألفاظ التي تطلق على اللّه تعالى ـ مثل العالم والقادر والحيّ والسميع والبصير ـ ليست تحمل عليه سبحانه حملَها [على ]الإنسان على أن يكون لكلّ منها مبدأ في ذاته تعالى ، فيكونَ سبحانه فردا حقيقيّا لها كالإنسان ؛ فإنّه فرد حقيقي للنامي والمتحرّك بالإرادة والناطق ، أو عارضا لذاته سبحانه، فيكونَ فردا عرضيّا لها كالإنسان ؛ فإنّه فرد عرضيّ للضاحك والماشي ، بل تعبيرات عنه سبحانه باعتبار استحقاقه لها بنفس ذاته الأقدس الواحد حقَّ الوحدة .
وإنّما ذكرنا الاستحقاق مقتفيا بكلام الإمام عليه السلام في رواية أبي هاشم الجعفري التي سبقت في باب معاني الأسماء واشتقاقها حيث قال : «فإن قلت : لم يزل [عنده] في علمه وهو مستحقّها ، فنعم» ۳ لئلّا يتوهّم أنّ المراد مجرّد التعبير حتّى يكون في إطلاق العالم عليه تعالى غير ملاحظ لمفهومه الذي وضع له في الفارسيّة لفظ «دانا» وفي التركيّة لفظ «بلَنْ» وفي اللغات الاُخر بألفاظٍ اُخرى ، بل المراد أنّه كان في الأزل مستحقّا لأن يحمل عليه الأسماء الحسنى الذاتيّة ، باعتبار أنّ ذاته المقدّسة عن شوب الكثرة قائم مقام مباديها المتكثّرة المتغايرة ، ويترتّب غاياتها على مجرّد الذات ، فهو علم كلّه، وقدرة بعين ماهو به علم ، وحياة بعين ما به علم وقدرة ، وهكذا عالم بعين ما به علم، وقادر

1.شرح توحيد الصدوق لقاضي سعيد القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۳۴ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۹۸ (أدا).

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۱۶ ، باب معاني الأسماء واشتقاقها ، ح ۷ ؛ التوحيد ، ص ۱۹۳ ، ح ۷ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
428

المبدأ الأوّل جلّ شأنه ، وتناهي العلل إلى علّة فاعليّة لا علّة لها أنّه مبدأ المبادئ وعلّة العلل .
فنقول : الابتداء هو إيجاد الشيء الذي له أثر في الوجود بوجه من الوجوه ، وأنّ المبدأ الأوّل هو الذات ابتدأت منه الموجودات ، وانتهت إليه سلسلة المبتدآت ، وذلك من عِلْمٍ منه بها ، وإرادةٍ دعت إليها ، وحينئذٍ لايمكن أن يكون شيء من الموجودات سببا لابتداء غيره ؛ إذ كلّ ما فرض أنّه ابتدأ من ذلك المبتدئ فله صورة في علم الإله تعالى ، لا أنّ العلم بمعنى حصول الصورة ؛ إذ ما عند اللّه هو الحقائق المتأصّلة الباقية، وكلّ ما في الكون فهي أشباح وأمثلة لتلك الصور العالية : «مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللّهِ بَاقٍ»۱ ، فإذا كان كذلك ، فما فرض أنّه مبتدأ من ذلك المبتدأ فليس بمبتدأ ، ولا ريب أنّ الموجودات لها ابتداء ، فكلّها ابتدأت من الباري تعالى . نعم ، إنّما المبادئ العالية والعلل المتوسّطة شأنها الإبداء والإظهار ، وأين الإبداء من الابتداء ؟ مع أنّ الإبداء أيضا منه سبحانه على الحقيقة؛ إذ الكلّ هالك دون وجهه الكريم ، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا ، ولا موتا ولا حياةً ولا نشورا ، فكيف لغيرهم وهو المُبدئ والمُعيد ؟ ومن ذلك ظهر تحقيق المقام الثالث . ۲
وقوله : «بفاقة المادين» لم يتعرّض صاحب البحار لتصحيح لفظ «المادين» هل هو اسم مفعول أو اسم فاعل .
اعلم أنّه قد وقع في صورة خطّه تصحيف ، والصواب «مؤدين» على أنّه جمع المذكّر السالم في حالة الجرّ .
في الصحاح :
الأداة: الآلة ، والجمع : الأدوات . وآداه على كذا ، يؤديه إيداءً : إذا قوّاه عليه وأعانه . وآدى الرجل أيضا ، أي قوي؛ من الأداة ، فهو مؤدٍ بالهمز ، أي شاكٍ في السلاح ، وأمّا مُودٍ بلا همز ، فهو من أودى ، أي هلك . ۳

1.النحل (۱۶) : ۹۶ .

2.شرح توحيد الصدوق لقاضي سعيد القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۳۲ ـ ۱۳۳ .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۶۵ (أدا).

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 143895
صفحه از 637
پرینت  ارسال به