«متى» سؤال عن الزمان ، وكان اللّه ولم يكن معه شيء ، وذلك ثابت له أزلاً وأبدا» .
فنقول : من قال : الآنَ كما كان ، كلام شعريّ ؛ لأنّه فهم من «كان» المضيَّ .
أقول : روى الصدوق ـ طاب ثراه ـ في أواسط باب نفي الزمان والمكان من كتاب التوحيد بالإسناد عن الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام أنّه قال : «إنّ اللّه تبارك وتعالى كان لم يزل بلا زمان ولا مكان ، وهو الآنَ كما كان ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، ولا يحلّ في مكان» الحديث . ۱
والمراد أنّ نسبة كونه تعالى إلى مواضي الأزمان كنسبته إلى الآنَ لا تتفاوت ؛ لأنّه ليس بزمانيّ ، أي ليس الأزمنة ظرفا لكونه حتّى يكون له المضيّ وغير المضيّ ، بل هو فاعل الزمان ، وكونه تعالى في الآنَ هو بعينه الكونُ الذي قبل خلق الزمان ، ولا كيف لكونه ؛ لأنّ كونه الحقيقيَّ هو نفس ذاته المقدّسة عن الكيف ، والكون المنتزع له سبحانه من آثاره صفة إقرار اضطراريا به لمصلحة أن يخرجه من التعطيل مقترنا بنفي التشبيه . ولعمرك كلّما زدتُ في الإيضاح زادت الأوهام حيرةً ، كما قال الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهماالسلامفي دعاء صلاة الليل من الصحيفة الكاملة : «ضلّت فيك الصفات ، وتفسّخت دونك النعوت ، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام ، كذلك أنت اللّه الأوّل في أوّليّتك ، وعلى ذلك أنت دائم لا تزول» الدعاء . ۲
قوله عليه السلام : «ومن غيّاه فقد غاياه» .
الذي في القاموس : «غايا القوم فوق رأسه بالسيف : أظلّوا» . ۳
وفي المجمل : «الغيابة كالغبرة والظلمة تغشى ، ويُقال : تغايا القوم فوق رأس فلان بالسيوف، كأنّهم أظلّوه بها» . ۴
هذا ما وجدنا في كتب اللغة ، وإذ حُرم القوم عن تتبّع آثار أهل الذِّكر الذين اُمروا بالسؤال إيّاهم ، لم يظفروا بمعنى يناسب المقام .
1.التوحيد ، ص ۱۷۸ ، ح ۱۲ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۳۲۷ ، ح ۲۷ .
2.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۱۴۶ ، الدعاء ۳۲ .
3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۷۲ (غوى) .
4.راجع : مجمل اللغة ، ج ۴ ، ص ۲۵ (غيب) .