433
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

«متى» سؤال عن الزمان ، وكان اللّه ولم يكن معه شيء ، وذلك ثابت له أزلاً وأبدا» .
فنقول : من قال : الآنَ كما كان ، كلام شعريّ ؛ لأنّه فهم من «كان» المضيَّ .
أقول : روى الصدوق ـ طاب ثراه ـ في أواسط باب نفي الزمان والمكان من كتاب التوحيد بالإسناد عن الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام أنّه قال : «إنّ اللّه تبارك وتعالى كان لم يزل بلا زمان ولا مكان ، وهو الآنَ كما كان ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، ولا يحلّ في مكان» الحديث . ۱
والمراد أنّ نسبة كونه تعالى إلى مواضي الأزمان كنسبته إلى الآنَ لا تتفاوت ؛ لأنّه ليس بزمانيّ ، أي ليس الأزمنة ظرفا لكونه حتّى يكون له المضيّ وغير المضيّ ، بل هو فاعل الزمان ، وكونه تعالى في الآنَ هو بعينه الكونُ الذي قبل خلق الزمان ، ولا كيف لكونه ؛ لأنّ كونه الحقيقيَّ هو نفس ذاته المقدّسة عن الكيف ، والكون المنتزع له سبحانه من آثاره صفة إقرار اضطراريا به لمصلحة أن يخرجه من التعطيل مقترنا بنفي التشبيه . ولعمرك كلّما زدتُ في الإيضاح زادت الأوهام حيرةً ، كما قال الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهماالسلامفي دعاء صلاة الليل من الصحيفة الكاملة : «ضلّت فيك الصفات ، وتفسّخت دونك النعوت ، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام ، كذلك أنت اللّه الأوّل في أوّليّتك ، وعلى ذلك أنت دائم لا تزول» الدعاء . ۲
قوله عليه السلام : «ومن غيّاه فقد غاياه» .
الذي في القاموس : «غايا القوم فوق رأسه بالسيف : أظلّوا» . ۳
وفي المجمل : «الغيابة كالغبرة والظلمة تغشى ، ويُقال : تغايا القوم فوق رأس فلان بالسيوف، كأنّهم أظلّوه بها» . ۴
هذا ما وجدنا في كتب اللغة ، وإذ حُرم القوم عن تتبّع آثار أهل الذِّكر الذين اُمروا بالسؤال إيّاهم ، لم يظفروا بمعنى يناسب المقام .

1.التوحيد ، ص ۱۷۸ ، ح ۱۲ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۳۲۷ ، ح ۲۷ .

2.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۱۴۶ ، الدعاء ۳۲ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۷۲ (غوى) .

4.راجع : مجمل اللغة ، ج ۴ ، ص ۲۵ (غيب) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
432

في المصادر : «الغبور : باقي ماندن وماضي شدن» . ۱
وفي القاموس : «غبر غبور : أمكث وذهب» . ۲
قال الشارح :
فيصير المعنى أنّ بقاءه سبحانه هو الذي يحدّد وجود ما سواه ، ويجعل كلّ واحد في درجته ويعيّن له مرتبة وجوده ؛ إذ ببقائه يستبقي كلّ شيء على حسب استعداده ، وبدوامه دامت السماوات والأرض . وفي الخبر : «لا يتقدّم متقدّم إلّا باللّه ، ولا يتأخّر متأخّر إلّا به» . ۳
قوله عليه السلام : «فقد جهل اللّه من استوصفه» .
في القاموس : «استوصفه لذاته : سأله أن يصف له ما يتعالج به» . ۴ ومثله في الصحاح. ۵
وفي تاج المصادر : «الاستيصاف : وصف كردن خواستن» . هذا ما ذكره أهل اللغة .
وقال الفاضل شارح كتاب التوحيد :
يُحتمل أن يكون معنى استوصفه : جعله ذا وصف بإثبات الأوصاف له ، كما قيل في حديث العقل : إنّ «استنطقه» بمعنى جعله ذا نطق . ۶
أقول : الأحوط أن يقتصر على ما ذكروا وأن يقال : المراد بالاستيصاف جعله سبحانه عرضةً لأن يطلب كيفيّته ، وظاهر أنّ من جعله سبحانه كذا فقد جهله ، ولم يدر أنّه منزّه عن الكيفيّات .
وفي خطبة اُخرى له عليه السلام كتبها لفتح بن يزيد الجرجاني: «ومن قال: كيف؟ فقد استوصفه». ۷
قوله عليه السلام : «ومن قال : متى ، فقد وقّته». في شرح التوحيد : «أي جعله ذا وقت ؛ لأنّ

1.تاج المصادر، ج ۱، ص ۲۲.

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۹ (غبر) .

3.شرح توحيد الصدوق لقاضي سعيد القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۳۷ .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۰۴ (وصف) .

5.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۳۹ (وصف) .

6.شرح توحيد الصدوق لقاضي سعيد القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۳۸ .

7.التوحيد ، ص ۵۷۰ ، ح ۱۴ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۲۸۴ ، ح ۱۷ . وراجع : نهج البلاغة ، ص ۲۱۱ ، الخطبة ۱۵۲ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 130247
صفحه از 637
پرینت  ارسال به