اُخرى أقرب من كلّ قريب إذا استدلّ عليه بالدلائل الشافية ، فهو من جهة كالواضح لا يخفى على أحد ، وهو من جهة كالغامض لا يدركه أحد ، وكذلك العقل أيضا ظاهر بشواهده ، مستور بذاته» . ۱
قوله عليه السلام : «كما بتحديد المحدود» .
قال الفاضل شارح التوحيد :
تحديد المحدود هو تعيين درجة وجوده ، وتشخيص أوّله وآخره ، وتقدير أجله ، والمعنى أنّه ـ جلّ مجده ـ لمّا كان هو المعيّن لدرجات كلّ موجود ، وليس له ابتداء ولا انتهاء ، فلا حدّ له بذاته ، ولا يتّحد بذلك التحديد أيضا ؛ لأنّه خارج عن أجناس المهيّات وحقائق الموجودات ، فلا يتّصل بوجوده شيء ، وليس بعده شيء كما لم يكن قبله شيء ، وليس تحديده الشيءَ بأن يجعله في ثاني مرتبته كما الأمر في جميع العلل ـ التي سواه ـ ذلك ، حتّى يتّحد بتحديد ذلك الشيءَ ، بل هو محيط بكلّ شيء ، ولا يخرج عن ملكه شيء ، فكيف يكون له ثانٍ؟ ۲
قوله عليه السلام : «أحدٌ لا بتأويل عدد» .
قال الفاضل شارح التوحيد :
أي أحديّته ليست عدديّةً بأن يؤول ويرجع إلى العدد ، ويصيرَ مع فرض واحدٍ آخر معه اثنين ؛ إذ الاثنان من حيث هما اثنان لابدّ وأن يشتركا في ذاتيّ أو عَرَضي ، وأقلّ ذلك صدق العدد العارض لهما ، والعرضي يجب أن يستند إلى الذات ، فيلزم كون البسيط قابلاً وفاعلاً ، أو إلى الذاتيّ المشترك ، فيلزم التركيب .
وسرّ ذلك ما قلنا مرارا من أنّ الكلّ بالنسبة إليه ـ عزّ شأنه ـ مستهلك باطل، فليس معه شيء حتّى يكون ثانيا له ، فليست وحدته عدديّةً يتألّف منها الأعداد ، وسيجيء زيادة بسط لذلك . ۳
يعني في تفسير سورة التوحيد .
1.توحيد المفضّل ، ص ۱۷۹ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۱۴۸ .
2.شرح توحيد الصدوق لقاضي سعيد القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۴۳ .
3.شرح توحيد الصدوق لقاضي سعيد القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۴۴ .