443
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

إلى شيء لا محالة ، وذلك إنّما يكون لوجود مانع عن ذلك ، وأيّا ما كان فإطلاق الحجاب على كلمة «لعلّ» من قبيل إطلاق اسم السبب على المسبّب ، أي ليس له سبحانه حالة منتظرة حتّى تتوقّع حصوله ويترجّى وقوعه ؛ لكونه ممنوعا عنه ، محجوبا عنه . ۱
قوله عليه السلام : «ولا تشمله حينَ ، ولا تقارنه مع» .
قال الفاضل شارح التوحيد :
لا يشمله حينَ ـ بالبناء على الفتح ـ إذ الأحيان إنّما تحيط بالزمانيّات وتشملها ، وأمّا ما ليس وجوده في زمان فلا يشمله حين ، ولا يقال عليه : هو كذا حين كان كذا .
والفرق بين «متى» و«حين» أنّ متى لزمان الوجود ، وحين لزمان الوصف ، وكلمة مع للمقارنة ؛ ولا يقارنه سبحانه شيء حتّى يقارنه مع ؛ أي يجعله قرينا لشيء ، أو يقرن تلك الكلمة به سبحانه . ۲
قوله عليه السلام : «إنّما تحدّ الأدوات أنفسها ، وتشير الآلة إلى نظائرها» .
قال الفاضل شارح التوحيد :
اللام في «الأدوات» و«الآلة» للعهد ؛ أي هذه الحروف إنّما تستلزم التحديد والإشارة ؛ لأنّها تجعل الشيء المقول عليه محدودا بالزمان أو المكان أو المرتبة ، مشارا إليه بالإشارة الحسّيّة أو العقليّة ، واللّه سبحانه يستحيل عليه الحدّ والإشارة مطلقا ، فالأدوات المذكورة إنّما تحدّ أنفسها من الأشياء المخلوقة ، وتشير تلك الآلات إلى نظائرها من الاُمور المحدودة ، ويحكم عليها وتخبر عنها وتستعمل فيها .
وأمّا اللّه سبحانه ، فهو مقدّس من أن تشير إليه هذه الأدوات ، وتستعمل فيها كما بيّنّاه .
و«في الأشياء توجد فعالها» أي من الأشياء الممكنة المحدودة يتحقّق آثار تلك الأدوات ، ويتصحّح إطلاق هذه الآلات ، وليس لها في جبروت مجده سبحانه من سبيل ، ولا لها إلى تلك الحضرة من دليل .
«منعتها منذ القدمة ، وحمتها قد الأزليّة ، وجنّبتها لولا التكملة». منعتها للبيان ، أي تحقّق آثار تلك الآلات في الأشياء هو أنّها منعتها إلى آخره .
وتأنيث الأفعال الثلاثة لكون فواعلها الكلماتِ الثلاثَ وضمير مفاعيلها الاُوَل يرجع إلى

1.المصدر ، ج ۱ ، ص ۱۷۰ .

2.المصدر ، ج ۱ ، ص ۱۷۱ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
442

قال الفاضل شارح التوحيد :
الغريزة : الطبيعة ، وهي التي بها يصير الشيء ذا آثار مخصوصة ، أعمَّ من أن يكون مزاجا أو غيره ، وكلّ شيء سواه جلّ برهانه فإنّما له شيء بسببه يصير مبدأً للآثار المختصّة به ، ما خلا اللّه سبحانه ، فإنّه الفاعل المطلق ، وفعله مرسل لا يختصّ بشيء دون شيء ؛ إذ العالَم صُنعه بكلّه ، وهو خالق كلّ شيء ولا يؤوده حفظ شيء ، فالأشياء بطبائعها الخاصّة بها لا تتجاوزه عن الأفاعيل المأمورة بها ، والمقامات المعلومة لها شاهدة على أنّ مغرزها ـ أي جاعلَها ذواتِ غرائزَ ـ ليس له غريزة وإلّا لاختصّ فعله بشيء دون شيء ، وليس كذلك ؛ إذ العقل الذي هو أوّل شيء من أفعاله سبحانه مشتمل على كلّ شيء ، وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى ما لا أسفل منه ، فهو فعله وصنعه . وسيأتي زيادة توضيح لذلك إن شاء اللّه . ۱
قوله عليه السلام : «دالّة بتفاوتها أن لا تفاوت لمفاوتها» .
قال الشارح الفاضل صاحب التوحيد :
المفاعلة على معنى الجعل والتصيير كالتفعيل فيما سبق من المغرّز ، وفي بعض ما سيأتي من المباين وغيره ، والمراد بالتفاوت إنّما هو تفاوت الشيء الواحد بالنقص إلى أن يستكمل ، وبالقوّة إلى أن يخرج إلى الفعل ، وبالضعف إلى أن يشتدّ ، وبالنقصان إلى أن يزيد ، ولا يخلو من واحد منها ممكن مفارق أو مقارن ، وأقلّ ذلك أنّ القوّة الإمكانيّة تحتاج إلى أن تخرج إلى فعليّة الوجوب ، واللّه سبحانه هو المخرج إيّاها من قوّتها إلى 1فعلها ، ومن نقصانها إلى كمالها إلى غير ذلك ، فلا يوصف بالتفاوت بالقاعدة المذكورة .
وأيضا لو كان هو كذلك لاحتاج إلى مخرج آخَر ، وهو محال ؛ إمّا للخلف ، لأنّه قد فرض أنّ جميع ما هو بالقوّة فإنّما يحتاج إلى مخرج هو بالفعل من جميع الوجوه ، وإلّا لكان هو من جملة هذا المجموع ، وإمّا لاستحالة التسلسل كما هو المشهور . ۲
قوله عليه السلام : «ولا تحجبه لعلّ» .
قال الفاضل الشارح للتوحيد :
كلمة «لعلّ» للترجّي إلى جلب محبوب أو دفع مكروه ، والرجاء إنّما يكون لمن لم يصل

1.شرح توحيد الصدوق ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ ـ ۱۶۳ .

2.المصدر ، ج ۱ ، ص ۱۶۳ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103655
صفحه از 637
پرینت  ارسال به