451
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وقته لموجود عينيّ ، أو في موجود عينيّ كما في علومنا ، أو بعلم مستند إلى الذات سابق على خلق الأشياء ؟
فأجاب عليه السلام : بأنّ العلم سابق على وجود المخلوق بمراتبَ ، وقال : «علم وشاء ، وأراد وقدّر ، وقضى وأمضى» فالعلم : ما به ينكشف الشيء ، والمشيّة : ملاحظته بأحوال مرغوب فيها توجب فينا ميلاً دون المشيّة له سبحانه ؛ لتعاليه عن التغيّر والاتّصاف بالصفة الزائدة . والإرادةُ : تحريك الأسباب نحوهَ بحركة نفسانيّة فينا، بخلاف الإرادة فيه سبحانه . والقَدَر : التحديد وتعيين الحدود والأوقات . والقضاء هو الإيجاب . والإمضاء هو الإيجاد ؛ فوجود الخلق بعد علمه سبحانه بهذه المراتب .
وقوله : «فأمضى ما قضى» إلى آخره ؛ أي فأوجد ما أوجب ، وأوجب ما قدّر ، وقدّر ما أراد .
ولمّا بلغ بيانه إلى هذا ، أخذ البيان من رأس على وجه أوضحَ ، وقال : «فبعلمه كانت المشيّة »وهي مسبوقة بالعلم «وبمشيّة كانت الإرادة» وهي مسبوقة بالمشيّة «وبإرادته كان التقدير» والتقدير مسبوق بالإرادة «وبتقديره كان القضاء» والإيجاب ، وهو مسبوق بالتقدير ، حيث لا إيجاب إلّا للمحدود الموقوت «وبقضائه كان الإمضاء» والإيجاد «والعلم متقدّم على المشيّة» وهو الأوّل بالنسبة إليها «والمشيّة ثانية ، والإرادة ثالثة، والتقدير واقع» وقوعا سابقا «على القضاء» والإيجاب المتلبّس «بالإمضاء» والإيجاد .
«وللّه تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء» فإنّ الدخول في العلم أوّلُ مراتب السلوك إلى الوجود العيني ، وله البداء بعدم الإيجاد فيما علم متى شاء أن يبدو ، وفيما أراد وحرّك الأسباب نحوَ تقديره متى شاء قبل القضاء والإيجاب «فإذا وقع القضاء» والإيجاب متلبّسا «بالإمضاء» والإيجاد «فلا بداء» ، فعلم أنّ في المعلوم العلم قبل كون المعلوم وحصوله في الأذهان والأعيان ، وفي المُشاء المشيّة قبل عينه ووجوده العيني .
وفي أكثر النسخ: «المنشأ». لعلّ المراد الإنشاء قبل الإظهار كما في آخر الحديث .
وفي المراد الإرادة قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها وحضورها العيني في أوقاتها . «والقضاء بالإمضاء هو المبرم» الذي يلزمه وجود المَقضيّ .
وقوله : «من المفعولات» يحتمل تعلّقه بالمبرم ، ويكون قوله : «ذوات الأجسام» ابتداءَ


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
450

الموت باليقين تأسٍّ بقول ربّ العالمين حيث قال : «وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ»۱ مع ما فيه من لطف الموقع .
قوله : (وهو الذي خَلَقَهما وأشباههما)۲. [ح ۶ / ۳۷۴]
في بعض النسخ : «خلقهما وأنشأهما» . وفي كتاب التوحيد : «وأحدثهما وأنشأهما». ۳قوله : (ونحنُ ولاةُ أمرِ اللّه ) . [ح ۷ / ۳۷۵]
إن كان المراد بالأمر أمر الإمامة ، فالإضافة من باب حَبّ الرمّانة .

باب البداء

قوله : (وأخْبَرَه بالمحتومِ من ذلك ). [ح ۱۴ / ۳۸۲]
علمه صلى الله عليه و آله بكونه محتوما بإخبار اللّه بتعلّق المشيّة الحتميّة به ؛ إمّا صريحا ، أو بدلالة الاستثناء فيما سوى ذلك . والمراد بالاستثناء ما يدلّ على التعلّق بالمشيّة ، كقول : «إن شئت». ولعلّ تسمية هذا التعليق بالاستثناء باعتبار وقوع كلمة «إلّا» في قوله تعالى : «وَلَا تَقُولَنَّ لِشَىْ ءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدا إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ»۴ .
قوله : (ذواتِ الأجسامِ المُدْرَكاتِ بالحواسّ) الخ . [ح ۱۶ / ۳۸۴]
ظاهر هذا الحديث واللذين في الباب الآتي أنّ الخصال السبع بتمامها إنّما تجري في الكائنات في الأرض والسماء من الجسمانيّات لا في الروحانيّات حتّى المخلوق الأوّل ، اللّهمّ إلّا أن يُقال : ذكر الجسمانيّات على سبيل المثال ، وهي جارية في الروحانيّات أيضا بنحو من الاعتبارات .
قال السيّد الجليل الرفيع المحشّي :
الظاهر من سؤال «كيف علم اللّه تعالى» أنّ العلم ۵ مستند إلى الحضور العيني والشهود في

1.الحجر (۱۵) : ۹۹ .

2.في الكافي المطبوع : «وأنشأهما».

3.التوحيد ، ص ۱۶۸ ، ح ۲ .

4.الكهف (۱۸) : ۲۳ ـ ۲۴ .

5.في المصدر : «أبعلم» بدل «أنّ العلم» .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127505
صفحه از 637
پرینت  ارسال به