455
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

به غير متّهم على خلقك ، ولا لإرادتك حتّى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين ، يرون حكمك مبدّلاً ، وكتابك منبوذا ، وفرائضك محرّفة عن جهات أشراعك ، وسنن نبيّك متروكةً» . ۱
وفي دعاء آخر : «أنت الذي أردت فكان حتما ما أردت ، وقضيت فكان عدلاً ما قضيت» إلى قوله : «وقدّرت كلّ شيء تقديرا» . ۲
وفي دعاء الاستخارة منها : «حبِّب إلينا ما نكره من قضائك ، وسهِّل علينا ما نستصعب من حكمك ، وألهمنا الانقيادَ لما أوردت علينا من مشيّتك» ۳ إلى غير ذلك من الأدعية والأخبار .
هذا ، وتدبيره تعالى المعترف به له عند كافّة ذوي العقول إنّما هو التفرقة العلميّة بين ما يستحقّ الوجود على الوجه الذي يستحقّ وبين ما لا يستحقّ ، وإيجاده فيضانُ الوجود منه على كلّ مستحقّ على الوجه المستحقّ ؛ إذ يمتنع هناك القصد والحركة النفسيّة والجوارحيّة ، وفيض الجواد على الإطلاق لا يستدعي سوى الاستحقاق .
وعلى هذا فيكون ما بعد العلم من الخصال السبع أسبابا متلازمة في كلّ شيء تحقّقت إحداها تحقّقا واقعيّا تحقّقت الباقية بتّةَ ، وتكثر الأسماء باعتبار تكثّر الوجود التي استحقّ المعلوم الوجود على تلك الوجود ، كلّ اسم منها وقع على العلم باعتبار تعلّقه بوجه من وجوه أصل الوجود، كما يشعر به قوله عليه السلام : «فبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشيّة عرف صفاتها وحدودها ، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها ، وبالتقدير قدّر أقواتها ، وبالقضاء أبان للناس أماكنها» .
وفي الحديث الآتي : قلت : ما معنى «شاء»؟ قال : «ابتداء الفعل» . قلت : ما معنى «قدّر»؟ قال : «تقدير الشيء من طوله وعرضه» . ۴
وعلى هذا فما بعد العلم من الأسماء إلى الإمضاء تعبير عن اعتبارات العلم باعتبار

1.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۲۳۴ ، الدعاء ۴۸ .

2.المصدر ، ص ۲۱۰ ، الدعا ۴۷ .

3.المصدر ، ص ۱۵۴ ، الدعاء ۳۳ .

4.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ ، باب المشيّة والإرادة ، ح ۱ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
454

تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ» 1 .
وفي الحديث القدسي الذي سيجيء : «ابن آدم ، بمشيّتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء» . 2
وفي التعقيب المأثور : «ما شاء اللّه كان ، وما لم يشأ لم يكن» . 3
وهذه المشيّة مترادفة أو متلازمة للكتابة التي في قوله تعالى : «قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَا مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا» 4 .
وفي القنوت المأثور : «اللّهمَّ إنّي أسألك إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا صادقا حتّى أعلم أنّه لن يصيبني إلّا ما كتبت لي» . 5
ومثله في آخر دعاء السحر للإمام زين العابدين عليه السلام . 6
وقد يطلق واحدة من الخصال ويراد الكلّ ، في الصحيفة الكاملة : «أصبحنا في قبضتك ، يحوينا ملكك وسلطانك ، وتضمّنا مشيّتك ، ونتصرّف عن أمرك ، ونتقلّب في تدبيرك ، ليس لنا من الأمر إلّا ما قضيت ، ولا من الخير إلّا ما أعطيت» . 7
وفي دعاء آخر منها : «ذلّت لقدرتك الصِّعاب ، وتسبّبت بلطفك الأسباب ، وجرى بقدرتك القضاء ، ومضت على إرادتك الأشياء ، فهي بمشيئتك دون قولك مؤتمرةٌ، وبإرادتك دون نهيك منزجرةٌ» . 8
وفي دعاء الأضحى منها : «اللّهمَّ إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ، ومواضع اُمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزّوها ، وأنت المقدّر لذلك ، لا يغالب أمرك ، ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك ، كيف شئت ، وأنّى شئت ، ولما أنت أعلم

1.الإنسان (۷۶) : ۳۰ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۵۲ ، باب المشيّة والإرادة ، ح ۶ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۷۱ ، باب الحرز والعوذة ، ح ۱۰ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۴۰۲ ، ح ۵۸۶۸ .

4.التوبة (۹) : ۵۱ .

5.الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۲۴ ، باب القول عند الإصباح والإمساء ، ح ۱۰ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۹۰ ، ح ۲۱ .

6.الإقبال ، ص ۸۱ ؛ المصباح للكفعمي ، ص ۶۰۱ .

7.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۴۸ ، الدعاء ۶ .

8.المصدر ، ص ۵۲ ، الدعاء ۷ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127392
صفحه از 637
پرینت  ارسال به