وحَتَمَهُ على سبيل الاختيار» الحديث . ۱
أقول : بيان حتم اللّه تعالى فعلاً على سبيل اختيار العبد إيّاه ، المستلزمِ لأن لم يكن ألزم عليه ما لا يريده، بل يريد خلافه، أنّه قد كان في سابق علم اللّه تعالى أنّ من الممكن ما هو باعتبار خصوصيّته الممتاز بها عن سائر الممكنات ، بحيث إن رأى امرأة جميلة ذات بعل في مكان لم يكن هناك مانع بوجه ، ولو كان وجود من يستحيي منه أو احتمال اطّلاع من يتضرّر به ، انبعث من ذاته باعتبار ما لها من الخصوصيّة المذكورة شوق وإرادة بالغة حدَّ الإجماع لغشيانها ، ولا شكّ أنّ لتحقّق كلٍّ من هذه الشروط سببا؛ لبطلان البخت والاتّفاق ، وللسبب سبب ، ولا يرتقي إلى ما لا يتناهى ، وليس للممكنات مبدأ سوى اللّه تعالى ، فالكلّ تحت تدبيره وتقديره ؛ فوقوع الغشيان من ذلك الممكن بإرادته وشوقه كاشف عن تنزّل الأسباب والشرائط ـ الاختياري منها وغير الاختياري ـ بإذن ربّها المدبِّر الحكيم القادر القاهر ، وانتهائها إلى غشيان الفاعل بشوق وإرادة كانت كامنةً في نفسه ، فهاجت من ذاته حين ما استكملت شرائط الهيجان .
وكذا كاشف عن أنّ في إيجاد الممكن المفروض وتيسير شرائط ما يستدعيه بلسان خصوصيّته حكمة لا يعلمها غير الموجد الحكيم الذي أوجده بعلم وإرادة؛ لامتناع الجهل والاضطرار .
فليس له أن يقول : لِمَ كنت في علم اللّه ممكنا خاصّا بالخصوصيّة المذكورة وما كنت ممكنا آخر ؟ ولمَ كنت مقدورا من مقدوراته ؟ ولِمَ خلقني اللّه ؟ ولعلّ اللّه لم يعلم ما ينتهي إليه أمري ، أو كان مضطرّا في خلقي ؟ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، بل للّه الحجّة البالغة ، وحجّتهم داحضة عند ربّهم . هذا بيان حتم اللّه تعالى للفعل على سبيل الاختيار من العبد . «فَسُبْحَانَ الَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ» . ۲
هذا ، وقد يطلق إرادة الحتم وقضاء الحتم على جبر اللّه تعالى للعبد وإكراهه إيّاه