467
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وإنزال الشرع والتمكين والإقدار ورفع الموانع ، وإذ علم اللّه تعالى أنّه يستحقّ الوجود لأنّه مظهر لأثر صفة العدل والانتقام ، أجاب سؤله .
ومن الأسماء الحسنى : المحسن المجمل المفضل ، ومن المعلومات ما أخبر اللّه تعالى بقوله : «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكا عَظِيما»۱ ، وبقوله : «بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ» ، ۲«لَا يَعْصُونَ اللّهَ مَا أَمَرَهُمْ»۳ ، وبقوله : «ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ»۴ .
ومن الأسماء الحسنى : ذو اللّعن والرجم ، ومن المعلومات من لم يعلم اللّه فيهم خيرا ، كما أخبر عنهم في كتابه المجيد ، وهم الأبالسة والشياطين وجنودهم من الإنس ؛ قال تعالى : «لَا يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ»۵ ، وقال : «وَمَا يَسْتَوِى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ»۶ ، وقال : «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ»۷ ، وقال : «مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ»۸ ، وقال : «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرا مِنْ الْجِنِّ وَالْاءِنسِ»۹ ، وقال : «وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْآنِ»۱۰ .
وسيجيء في كتاب الكفر والإيمان في باب طينة المؤمن والكافر ما يستأنس به المستبصرون ويستوحش منه الجاهلون ، وهذا النوع من المعلوم استحقّ الوجودَ ؛ لكونه مظهر صفة الغضب والقهر واللعن والرجم .
مثنوي :

زبان حال هر يكشان به تكراربه يا رب يارب از حضرت طلبكار
يكى را ورد جان «يا عالم الغيب»يكى را بر زبان «يا ساتر العيب»
يكى را آرزوى گنج و شادىيكى را كُنج فقر و نا مرادى
يكى را ميل عليّين و ابراريكى را روى با سجّين وفجّار
يكى بهر تجرّد كرد زارىيكى را در تقيّد كامكارى
يكى را در بساطت بوده صد ذوقيكى را در تركّب ، گونه گون شوق
هر آنچه حقِّ استدعائشان بودعطا فرمود حقّ از مخزن جود
بر آن اعيان بحسب الاستفاضهكمالات وجودى كرد افاضه
جواد مطلق، ايجاد جهان كردبه خلق اظهار آن سرّ نهان كرد
حقايق را كه از اسما نوال استبه هر يك زان يكى را اتّصال است
رود هر يك بسوى اسم خاصىكه در اصلش بدو بود اختصاصى
يكى را راه سوى اسم هادىخلاص هر بلا و نا مرادى
يكى را ميل جان سوى ضلال استوزان هر لحظه در نقص و زوالست
يكى ز اسم معزّ اندر سروراستيكى زاسم مذلّ اندر ثبور است
يكى را راه در لطف و جمال استيكى را كار با قهر وجلالست
اگر اهل شقا و اهل نعيمندبه رفتن بر صراط مستقيمند
هر آنكو راهِ دست راست پوييدزلطف حق گل امّيد بوييد
گروهى را كه شد در دست چب بارفروماندند اندر قهر جبّار
نعيم دايم و حرمان همين استظهور خاصّ اين ، در يوم دين است
والحاصل أنّ الأسماء الحسنى كاشفة عن أنّ الذات الأقدس بوحدانيّته الحقّة قائم مقام مباديها ومحقّق لغاياتها ، والعوالم بقضّها وقضيضها ما تحلّى منها بحلية الوجود، وما يتحلّى ـ أعني النظام الكلّي الأعلى ـ مظاهر غايات تلك الأسماء أو مقدّمات الغايات ، شاءها اللّه على الوجه الواقع بالمشيّة الذاتيّة ، أي علمها في جملة معلوماته أنّها غير منافية لإلهيّته وحكمته ، بل موافقة لها ، لكونها مظاهر أسمائه الحسنى ، فلولا الظالمون لكان اسم «المنتقم» معطّلاً ، ولولا أهل الزلّات لكان اسم «التوّاب الرحيم» معطّلاً ، ولولا الجاحدون المعاندون المتكبِّرون لكان اسم «اللاعن والراجم» معطّلاً ، وهكذا الشأن في سائر الأسماء .

1.النساء (۴) : ۵۴ .

2.الأنبياء (۲۱): ۲۶.

3.التحريم (۶۶) : ۶ .

4.إبراهيم (۱۴) : ۲۴ .

5.المائدة (۵) : ۱۰۰ .

6.فاطر (۳۵) : ۱۹ ـ ۲۱ .

7.البقرة (۲) : ۱۷۱ .

8.إبراهيم (۱۴) : ۲۶ .

9.الأعراف (۷) : ۱۷۸ .

10.الإسراء (۱۷) : ۶۰ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
466

الأقدس ، وبانكشافه انكشفت شؤونات قدرته الكاملة التي هي عين الذات ، فتعيّنت في نفس الأمر مقدورات لا تتناهى .
وقد سبق في باب صفات الذات وما بعده أنّ هذا التعيّن ليس وجودا لا عينيّا خارجيّا ولا ظلّيّا ارتساميّا ، بل هو ثبوت مجهول الكنه ، أشبه شيء به ثبوت الانتزاعيّات للمنتزع منها ، وبيّنّا أنّ هذا الثبوت غير الثبوت الذي يقوله طائفة من المتكلِّمين ، وأنّ علمه تعالى بالأشياء انكشاف تلك المتعيّنات له تعالى ، وأنّه انكشف له تعالى كلّ من الذوات الممكنة بجميع شؤوناته وصفاته اللازمة والمفارقة التي له باعتباره في نفسه ، وباعتبار فرض مقارنته مع كلّ واحد واحد ممّا عداه ، بل انكشفت له أيضا الممتنعات التي لا هويّة لها إلّا بنحو من المقايسة مع الممكنات ، وأنّ بعض هذه المعلومات غير مستحقّ للوجود بوجه كالممتنعات ؛ لمضادّته ومنافاته للإلهيّة ، فهو في محبس العدم بالحبس المؤبّد ، والباقون مستحقّون للوجود كلٌّ بوجه ، والجواد المطلق يطلقه عن العدم إلى الوجود على الوجه المستحقّ له به بتّةَ ؛ إذ المقتضي ـ وهو الجود المطلق ـ حاصل ، والمانع ـ وهو عدم الاستحقاق ـ منتفٍ، وكلّ مستحقّ للوجود مظهر غاية اسم من الأسماء الحسنى ، فله موقع في النظام الأعلى يوجب زينه وجماله ، كأجزاء الدار فيها من بيت النوم وبيت الضيف وبيت الخلاء والاصطبل والكنيف وغيرها ، وكأجزاء الإنسان فيه من الدماغ والقلب والمعدة والأمعاء والقوى والأعضاء ومخرج البول والبَراز ۱ وغيرها ممّا لو لم يكن واحد منها لاختلّ نظام البدن ، أو خرج عن الإتقان والحسن ، وهكذا أجزاء النظام الأعلى من المؤمن والكافر ، والصالح والفاجر ، والشريف والوضيع ، والعاصي والمطيع .
وقد قلت في قصيدتي اللاميّة :

حال الخلائق طرّا كيفما ظهرتبعلم خالقنا العلّام لم يزل
وكلّ ما كان منها عن مشيّتهوكان ما لم يشأ ليسا من الأزل
وكلّ ما شاء مبنيّ على حكملو لم تراع لكان الكلّ في الخلل
هذا اُجاج ولكن عند ذي سقممن صحّ كان له أحلى من العسل
ولقد أحسن من قال (نظم) :

بچشم حقارت مبين پشه راكه آن در جنود خدا صفدريست
خرابات را نيز بيجا مدانكه آن نيز در ملك حق كشوريست
وبالجملة ، كلّ معلوم استحقّ إدخاله في الوجود فله نسبة مخصوصة إلى اسم من أسماء اللّه الحسنى التي بناء النظام الأعلى عليها ؛ مثلاً من معلومات اللّه تعالى مهيّة شخصيّة فصلها، أو لازم فصلها الحسّاس المتحرّك بالإرادة الناطق المائل بالطبع إلى الشهوات واللذّات الدنيّة الدنيويّة المنهيّ عنها في الشريعة المقدّسة ، ميلاً لا على وجه المضادّة والمعاندة ، بل على وجه الزلّة والاغترار وغلبة الهوى ، مع الاعتراف بأنّ ما ارتكب كان سيّئا قبيحا حريّا بأن لا يُفعل ، فهذه المهيّة مع هذه الصفات كان مقدورا من مقدورات اللّه تعالى ، معلوما من معلوماته ، استحقّ الوجود ؛ لكونه مظهرا لغاية اسم العفوّ الغفور ، الرؤوف الرحيم .
وفي بعض الأدعية الجليلة : «إلهي ما عصيتك حين عصيتك وأنا لربوبيّتك جاحد، ولا لعقوبتك متهاون ، ولا لأمرك مستخفّ ، ولكن خطيئةٌ عرضت وسوّلت لي نفسي ، وأعانت عليها شقوتي ، وغرّني سترك المرخى عليّ» . ۲
ومن مقدورات اللّه تعالى المعلومة له مهيّةٌ مقابلة للمهيّة الاُولى في الذات والصفات ، أي يكون في طبعها الظلم والجور، والميل إلى السوء والفواحش على سبيل العمد والإصرار من غير الندم، والاعتراف بأنّ ما ارتكب كان ممّا لا ينبغي ، فهو بلسان حاله سائل عن الجواد الحكيم ـ جلّ ثناؤه ـ الوجودَ ، وأن يوجّه إليه ما يبرز معه في ذاته من اختيار السوء والفواحش ، ويُيَسّر له أسباب فعل المختار من إعطاء العقل

1.كناية عن الغائط . وفي اللسان : «البَراز ـ بالفتح ـ : اسم للفضاء الواسع ، فكَنَوْا به عن قضاء الغائط كما كَنَوْا عنه بالخلاء؛ لأنّهم كانوا يتبرّزون في الأمكنة الخالية من الناس» . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۰۹ (برز) .

2.قطعة من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في ليالي شهر رمضان المشهور بدعاء أبي حمزة الثمالي : مصباح المتهجّد ، ص ۵۸۷ ؛ الإقبال ، ص ۷۱ ؛ البلد الأمين ، ص ۲۰۹ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127462
صفحه از 637
پرینت  ارسال به