473
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وحالة ثالثة يمتنع معها الفعل ، وذلك بأن يكون فاقدَ الآلة ، أو غيرَ مخلّي السرب .
إذا تبيّن ذلك فنقول : قد يطلق على الحالة الاُولى لفظ «الاستطاعة» وعلى الثانية لفظ «القدرة» وعلى الثالثة لفظ «العجز» أو نحوه ، والأخبار التي تدلّ على أنّ الاستطاعة مع الفعل ناظرة إلى هذا الإطلاق ، وقد تطلق تلك اللفظة على الحالة الثانية ، والأخبار الدالّة على أنّ الاستطاعة قبل الفعل ـ كما أورده الصدوق طاب ثراه في كتاب التوحيد ـ ناظرة إلى هذا .
وقد يطلق لفظ «القدرة» على الحالة الاُولى ، وهذا الحديث ناظر إلى هذا ؛ فلا تغفل .
وقوله عليه السلام : (وهو معنى شاء ما شاء). [ح ۲ / ۳۹۶]
المراد بالاُولى مشيّة اللّه الحادثة الفعليّة ، وبالثانية مشيّته الذاتيّة القديمة ، أي وهذا الذي قلنا: إنّهم لم يقدروا أن يأتوا حالاً تنجيهم من العذاب ، أي ما يسّر اللّه لهم ما يستطيعون به إتيان ما يُنجيهم معنى أنّه تعالى شاء بعد إيجاد العالم ما شاء قبل الإيجاد بالمشيّة الذاتيّة ، وهو سرّ مطابقة المشيّة الفعليّة للمشيّة الذاتيّة .
ويمكن أن يكون «ما» في «ما شاء» للتفخيم ، والمعنى أنّ ما في ألسنة الراسخين في العلم من أنّه تعالى شاء ما شاء المعنيّ بذلك أنّه علم من بين معلوماته ـ التي لا تتناهى ـ ما استحقّ فيضان الوجود عليه وما لم يستحقّ ؛ واللّه أعلم بحقائق كلام أوليائه .

[باب الخير والشرّ]

قوله : (فطوبى لِمَنْ أجْرِيْتُ الخيرَ على يَدَيْهِ۱) . [ح ۲ / ۳۹۹]
أي يسّرت أسبابه له .

[باب الاستطاعة]

قوله : (أتَسْتَطِيعُ أنْ تَعْمَلَ ما لم يُكَوِّنْ) . [ح ۲ / ۴۱۶]
المراد بالتكوين التعيين في القضاء والقدر على وفق سابق علمه بما يستحقّ الوجود .

1.في الكافي المطبوع: «أجريت على يديه الخير».


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
472

قوله عليه السلام : (ومَنَعَهُم إطاقَةَ القبولِ) . [ح ۲ / ۳۹۶]
في الصحاح : «المنع : خلاف الإعطاء . ومنعت الرجل عن الشيء فامتنع منه» . ۱
والمراد الأوّل ؛ أي لم يعطهم ما يطاق به القبول عن العقول والأنبياء من أسباب التوفيق ؛ لعدم انتفاعهم بها على منوال قوله تعالى : «وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ»۲ ، هذا على ما في الكافي .
وأمّا على ما في التوحيد وهو: «ولم يمنعهم إطاقة القبول» ۳ فالمراد الثاني ، وعلى هذا فنصب الإطاقة من باب الحذف والإيصال ، أي لم يسلبهم القدرة على القبول ، بل كان في وسعهم أن يقبلوا وإن لم يستطيعوه ، أي لم يتيسّر لهم أن يصيروا علّة تامّة له . وسيأتي في باب الاستطاعة .
وقوله عليه السلام : (ولم يَقْدِروا أن يأتوا حالاً تُنْجِيهم من عذابه). [ح ۲ / ۳۹۶]
أي لم يستطيعوا ؛ فإنّ القدرة قد تطلق على الاستطاعة .
وتحقيق المقام أنّ للإنسان بالنسبة إلى فعله الاختياري ثلاثَ حالات :
حالة لم يبق معها شيء ممّا يتوقّف عليه وجود ذلك الفعل ، وهذا إذا تهيّأ له جميع ما يحتاج إليه من الأسباب والشرائط والمعدّات وارتفاع الموانع ، كصحّة البدن ووجدان الآلات الداخليّة والخارجيّة وتخلية السرب ومصادفة ما يهيج معه الإرادة ، وليس وجود الفعل وعدمه بالنسبة إلى صاحب الحالة سواءً ، بل يقع الشروع في الفعل لا محالة ، ويستتمّ ما لم ينفسخ الإرادة بعروض مهيّج لإرادة مقابلة للاُولى ، ولم يعرض مانع من الخارج أو خلل في الآلة .
وحالة اُخرى تكون النسبتان معها متساويتين ، وتحقّق كلّ من الفعل والترك متوقّف على انضمام إرادة هي المعبّر عنها بالإجماع في اصطلاح العلماء ، وذلك إذا حصل جميع الشرائط والأسباب سوى المصادفة المذكورة .

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۸۷ (منع) .

2.الأنفال (۸) : ۲۳ .

3.التوحيد ، ص ۳۵۴ ، ح ۱ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103577
صفحه از 637
پرینت  ارسال به