وحالة ثالثة يمتنع معها الفعل ، وذلك بأن يكون فاقدَ الآلة ، أو غيرَ مخلّي السرب .
إذا تبيّن ذلك فنقول : قد يطلق على الحالة الاُولى لفظ «الاستطاعة» وعلى الثانية لفظ «القدرة» وعلى الثالثة لفظ «العجز» أو نحوه ، والأخبار التي تدلّ على أنّ الاستطاعة مع الفعل ناظرة إلى هذا الإطلاق ، وقد تطلق تلك اللفظة على الحالة الثانية ، والأخبار الدالّة على أنّ الاستطاعة قبل الفعل ـ كما أورده الصدوق طاب ثراه في كتاب التوحيد ـ ناظرة إلى هذا .
وقد يطلق لفظ «القدرة» على الحالة الاُولى ، وهذا الحديث ناظر إلى هذا ؛ فلا تغفل .
وقوله عليه السلام : (وهو معنى شاء ما شاء). [ح ۲ / ۳۹۶]
المراد بالاُولى مشيّة اللّه الحادثة الفعليّة ، وبالثانية مشيّته الذاتيّة القديمة ، أي وهذا الذي قلنا: إنّهم لم يقدروا أن يأتوا حالاً تنجيهم من العذاب ، أي ما يسّر اللّه لهم ما يستطيعون به إتيان ما يُنجيهم معنى أنّه تعالى شاء بعد إيجاد العالم ما شاء قبل الإيجاد بالمشيّة الذاتيّة ، وهو سرّ مطابقة المشيّة الفعليّة للمشيّة الذاتيّة .
ويمكن أن يكون «ما» في «ما شاء» للتفخيم ، والمعنى أنّ ما في ألسنة الراسخين في العلم من أنّه تعالى شاء ما شاء المعنيّ بذلك أنّه علم من بين معلوماته ـ التي لا تتناهى ـ ما استحقّ فيضان الوجود عليه وما لم يستحقّ ؛ واللّه أعلم بحقائق كلام أوليائه .
[باب الخير والشرّ]
قوله : (فطوبى لِمَنْ أجْرِيْتُ الخيرَ على يَدَيْهِ۱) . [ح ۲ / ۳۹۹]
أي يسّرت أسبابه له .
[باب الاستطاعة]
قوله : (أتَسْتَطِيعُ أنْ تَعْمَلَ ما لم يُكَوِّنْ) . [ح ۲ / ۴۱۶]
المراد بالتكوين التعيين في القضاء والقدر على وفق سابق علمه بما يستحقّ الوجود .