الحكمة الكاملة إلى زمان الخروج.
خروج إمامٍ لا محالة خارجيقوم على اسم اللّه بالبركات۱
وليس هذا بمستبعد من الحكمة، كما قال سبحانه: «وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ »۲ ، فكما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله فرّ من المشركين إلى الغار وكانت الأرض في مدّة غيبته خالية عن حجّةٍ ظاهرةٍ ، متمكّنة من دعوة الخلق وتمييز الحقّ من الباطل والهدى من الضلال، ولم يكن للناس على اللّه حجّة في ذلك لكون عدم الظهور والتمكّن من جهتهم لا من جهة اللّه تعالى؛ إذ هو سبحانه قد أزاح العلل بنصب من يقوم بالأمر إن مكّنوه؛ فكذلك أئمّتنا عليهم السلام اعتزلوا في زوايا الخمول من استيلاء متغلّبي أعصارهم، ولم يتمكّنوا من إظهار ما أنزل اللّه على نبيّه صلى الله عليه و سلم ، واستحفظه النبيّ صلى الله عليه و سلم الربّانيّين من أهل بيته، فكانوا مغلوبين مقهورين مبتزّين، يَرَوْن حكم اللّه مبدّلاً، وكتابه منبوذا، وشرائعه محرّفة عن جهات إشراعه، وسنن نبيّه متروكة، وكانوا إذا سُئلوا في الواقعات الطارئة عمّا هو حكم اللّه تعالى فيها أفتوهم على التقيّة في الأكثر، وأوقعوا فيهم الاختلاف عمدا؛ لئلّا يشتهروا بمخالفة أئمّة الجور ، فيتضرّروا هم و شيعتهم منهم، ووصل إلينا معاشر أيتام آل محمّد عليهم السلام المنقطعين عنهم من أخبارهم وآثارهم ما اشتبه التقيّة وغير التقيّة، و اُضيف إلى ذلك التحريفات والتغييرات من جهة الرواة والنسّاخ، فامتزج الحكم الواقعيّ بغير الواقعيّ، فاضطررنا ـ من جهة الخلق لا من جهة الخالق ـ إلى التحرّي والاجتهاد بقدر الوسع والطاقة، ووقع الاختلاف فينا من هذه الجهة، فنحن كمن حبسه ظالم في محبسٍ مظلمٍ لايستطيع أن يستعلم القبلة وأوقاف الصلوات فيتحرّى بقدر الوسع، وليس لأحدٍ أن يحتجّ على اللّه تعالى بوقوع الإبهام في أحكامه بالنسبة إلى ذلك الشخص المحبوس، وتجويزه تعالى الاختلاف فيها، وأين هذا الاختلاف من اختلاف