وظاهر أنّه ليس لكل أحد أهليّة أن يقول ما قال الإمام عليه السلام ، فلو أنّ أهله وجد الخلائق حقائق مجعولة بالجعل المجهول الكنه المعلوم الأثر ، والوجود بمعنى الكون المعلوم لكلّ أحد منتزعا منها بعد الجعل ، وليست وجودات ولا موجودات ، فالظاهر أنّه لا يستحقّ بذلك اللعن .
ولنرجع إلى تتمة تفسير البيضاوي :
«مَثَلُ نُوِرِه» : صفة نوره العجيبة الشأن . وإضافته إلى ضميره سبحانه دليل على أنّ إطلاقه عليه لم يكن على ظاهره «كَمِشْكوةٍ» : كصفة مشكوة ، وهي الكوّة الغير النافذة «فِيهَا مِصْبَاحٌ» : سراج ضخم ثاقب . وقيل : المشكوة : الاُنبوية في وسط القنديل ، والمصباح : الفتيلة المشتعلة «اَلْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ» : في قنديل من الزجاج «الزُّجاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» : مضيء متلألئ منسوب إلى الدرّ ، أو فُعّيل كمريق من الدرء ؛ فإنّه يدفع الظلام بضوئه ، قُلبت همزته ياء «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» أي ابتدأت ثقوب المصباح من شجرة الزيتون المتكاثر نفعه بأن روّيت ذبالته بزيتها . وفي إبهام الشجرة ووصفها بالبركة ثمّ إبدال الزيتونة عنها تفخيمٌ لشأنها .
وقرأ نافع وابن عامرو حفص بالياء والبناء للمفعول من أوقد ، وحمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء ، كذلك على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف . وقرئ «توقد» بمعنى تتوقّد . «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» تقع الشمس عليها حينا دون حين ۱ ، بل بحيث تقع عليها طول النهار ، كالتي تكون على قلّة أو صحراء واسع ؛ فإنّ ثمرتها تكون أنضج ، وزيتها أصفى ، أو لا [نابتة] في شرق المعمورة ولا في غربها بل في وسطها وهو الشام ؛ فإنّ زيتونه أجود الزيتون ، أولا في مَضحى تشرق الشمس عليها دائما [فتحرقها] أو فى مَقنأة تغيب عنها دائما فتتركها نيّا، وفي الحديث : «لا خير في شجرة ، ولا نبات في مقنأة ، ولا خير فيهما في مضحى» . «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسَهُ نَارٌ» أي يكاد يضيء بنفسه من غير نار لتلألئه وفرط وميضه ۲ . «نُورٌ عَلى نُورٍ»۳ متضاعف ؛ فإنّ نور المصباح زاد في إنارتة صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعّته . وقد ذكر