501
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وظاهر أنّه ليس لكل أحد أهليّة أن يقول ما قال الإمام عليه السلام ، فلو أنّ أهله وجد الخلائق حقائق مجعولة بالجعل المجهول الكنه المعلوم الأثر ، والوجود بمعنى الكون المعلوم لكلّ أحد منتزعا منها بعد الجعل ، وليست وجودات ولا موجودات ، فالظاهر أنّه لا يستحقّ بذلك اللعن .
ولنرجع إلى تتمة تفسير البيضاوي :
«مَثَلُ نُوِرِه» : صفة نوره العجيبة الشأن . وإضافته إلى ضميره سبحانه دليل على أنّ إطلاقه عليه لم يكن على ظاهره «كَمِشْكوةٍ» : كصفة مشكوة ، وهي الكوّة الغير النافذة «فِيهَا مِصْبَاحٌ» : سراج ضخم ثاقب . وقيل : المشكوة : الاُنبوية في وسط القنديل ، والمصباح : الفتيلة المشتعلة «اَلْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ» : في قنديل من الزجاج «الزُّجاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» : مضيء متلألئ منسوب إلى الدرّ ، أو فُعّيل كمريق من الدرء ؛ فإنّه يدفع الظلام بضوئه ، قُلبت همزته ياء «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» أي ابتدأت ثقوب المصباح من شجرة الزيتون المتكاثر نفعه بأن روّيت ذبالته بزيتها . وفي إبهام الشجرة ووصفها بالبركة ثمّ إبدال الزيتونة عنها تفخيمٌ لشأنها .
وقرأ نافع وابن عامرو حفص بالياء والبناء للمفعول من أوقد ، وحمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء ، كذلك على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف . وقرئ «توقد» بمعنى تتوقّد . «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» تقع الشمس عليها حينا دون حين ۱ ، بل بحيث تقع عليها طول النهار ، كالتي تكون على قلّة أو صحراء واسع ؛ فإنّ ثمرتها تكون أنضج ، وزيتها أصفى ، أو لا [نابتة] في شرق المعمورة ولا في غربها بل في وسطها وهو الشام ؛ فإنّ زيتونه أجود الزيتون ، أولا في مَضحى تشرق الشمس عليها دائما [فتحرقها] أو فى مَقنأة تغيب عنها دائما فتتركها نيّا، وفي الحديث : «لا خير في شجرة ، ولا نبات في مقنأة ، ولا خير فيهما في مضحى» . «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسَهُ نَارٌ» أي يكاد يضيء بنفسه من غير نار لتلألئه وفرط وميضه ۲ . «نُورٌ عَلى نُورٍ»۳ متضاعف ؛ فإنّ نور المصباح زاد في إنارتة صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعّته . وقد ذكر

1.النور (۲۴) : ۳۵ .

2.في المصدر: «حينا بعد حين».

3.في المصدر: «وبيصه».


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
500

من الأنوار أو موجدها ، فإنّ النور ظاهر بذاته مظهر لغيره ، وأصل الظهور هو الوجود ، كما أنّ أصل الخفاء هو العدم ، واللّه سبحانه موجود بذاته موجد لما عداه ۱ .
أقول : في دعاء عرفة لأبي عبد اللّه الحسين عليه السلام : «كيف يستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ، ألغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك ، متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك ، ومتى بعدت حتّى تكون الآثار هي الموصل إليك» ۲ .
و يظهر من قوله عليه السلام : «ما ليس لك» أنّ الظهور بمعنى الحاصل بالمصدر معنى تشكيكي ، وكلّ ما لغير اللّه أو يمكن أن يكون لممكن فهو للّه على الوجه الأشدّ .
ونِعمَ ما قال بعض أهل الحال :

بر او عقل از جهانى مستدلّ استكه ظلّ ظلّ ظلّ ظلّ ظلّ است
وعيون العقول لضعف إبصارها لا تستطيع إبصار ظهور اللّه تعالى ، فهي كالخفافيش يستدلّ عليه تعالى بالبحث والتفتيش ، إلّا من فتح اللّه عين بصيرته ، وأيّده بنوره، فإنّه يرى ظهورات الأشياء منظمّة في ظهور اللّه انطماس نور السها في ضياء الشمس في رابعة النهار كصاحب الدعاء عليه السلام ، وفي تلك الحال يعلم حقيقة وحدة الوجود وحقيقة قول أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير الحقيقة : «فهو الموهوم مع صحو المعلوم ، واطف السراج فقد طلع الصباح» ۳ .
وفي حالة اُخرى وبالنظر الثاني يرى ظهور الغير ، ونِعمَ ما قال الشبستري :

دلى كز معرفت نور وضيا ديدز هر چيزى كه ديد اوّل خدا ديد
وعن لسانهم قال من قال :

هر جا كه بگشايم نظر ، ز آن پيش كانجا بنگرمبى منّتِ حسِّ بصر ، آن روى زيبا بنگرم

1.أنوار التنزيل، ج ۴، ص ۱۸۷، مع تلخيص.

2.بحارالأنوار، ج ۶۸ ، ص ۱۴۲.

3.راجع: شرح فصوص الحكم للقيصري، ص ۶۸ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103537
صفحه از 637
پرینت  ارسال به