523
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

قصيدة للمؤلّف في مدح مولانا الرضا عليه السلام :

يا تارك الشرف السني وطالبالعزّ الدنيّ المستهان الفاني
ومعفّر الخدّ البهيّ لمن أعارمن المنيّة عارة السلطان
حتّى متى وإلى متى تدع الهُدىتَبَع الهوى وصحابةَ الشيطان
قم فانطلق واركض برجلك والحقنعيرا من الحافين والركبان
قد اُسرجت أفراسهم وتساقطتما كان من خيم ومن سُقبان
قصدوا إلى مصر أذلّة أهلهفخرّ الأعزّة من بني كنعان
مصر حوالي مطبخ لعزيزةفوج الملوك كجائع سغبان
مصر تمعّك فيه نيل شرافةما في حريم القدس من سكّان
أعني به الأرض المقدّسة التيقد شرّفت بخليفة الرحمن
المقتدى الهادي الرضا عَلَمُ الهدىبحر الندى ذي الفضل والإحسان
أبصرت لو أبصرت قبّة دارهرمّانة جُنيت من البستان
لا بل شُموسا قد اُذيبت ثمّ أفرغتاسع الأفلاك في الحُسبان
خدّامه حكّام جنّات علىحُجّابه مستخدموا رضوان
حفّاظ مشهده المقدّس مطربواداوُد ذي المضمار بالألحان
زوّار مرقده الشريف مفاخرواحجّاج بيت اللّه بالإيقان
ربحت تجارة من أتى بولائهوعِدَاه صفقتهم على الخسران
خفت موازين الذين بوقرهممثقال خردلة من الشنآن
فاُولئك الأغلال في أعناقهميصلون مسجونين في النيران
ذاك الذي استقصى ليُطفئ نورهطاغوت أهل البغي والعدوان
فدَعا له متكلّمي الأمصار ثمّأفاضل الأحبار والرهبان
حتّى إذا حجّ الخصوم بأسرهمطورا بيّنة وبالبرهان
طورا بما وردت من الآياتفي التوراة والإنجيل والفرقان
فهنالك انشرحت صدور الهدىوتضيّقت اُخرى عن الإيمان
واسودّ وجهٌ رام سؤددأوجه السادات والأشراف بالطغيان
مَن لم يُوال وليّه ويُعاد مَنعاداه فهو كعابد الأوثان
جحد النبوّة أو أقرّ بها كلاالأمرين عند إلهنا سيّان
يا ابن النبيّ المصطفى وابن الوصيالمرتضى فلحبّذ الجدّان
يا ابن البتول المطهّر فاطمة التيسادت وفاقت سائر النسوان
يا ابن المجاهد في سبيل اللّهبالأموال والأولاد والإخوان
البارع البطَل الخطوف الصارعالأسْدان والفرسان والشجعان
سبّاق ميدان الفخار كصنوهالحسن الزكيّ المجتبى الحسّان
نِعمَ الإمامان اللذان تفرّدادار الجنان بسؤدد الشبّان
يا ابن الإمام ابن الإمام أخي الإمامأبي الأئمّة يا له من شان
يا ابن الإمام العابد السجّاد ذيالثفنات والبكّاء والأنّان
يا ابن الذي بقر العلوم وشقّهابعد اندراس من بني مروان
فأتى بما شهد البرايا أنّهما كان إلّا نفخة الرحمن
يا ابن الإمام الصادق الصدّيقوالكشّاف للقرآن بالتبيان
يا ابن الإمام الكاظم الغيظ الذيبلغ الذرى في العفو والغفران
كن عند جدّك شافعا لجرائميباُولئك السادات والأعيان
وبولدك الغرّ الكرام أئمّةالإسلام فخر الدين والإيمان
وهم الجواد عماد دين المصطفىثمّ ابنه الهادي إلى الرحمن
ثمّ ابنه الحسن الإمام المقتدىوالسيّد السند العظيم الشانِ
ثمّ ابنه الخلف الإمام القائمالماحي ظلام الكفر والكفران
إنّي أتيتك زائرا متضرّعامن بلدةٍ تدعى بأصباهان
حزنا كئيبا خائفا مترقّباممّا جنيت بدعوة الشيطان
لا تطردنّي من قطيعك سيّديفاُقطّعنّ بأنيُب الذُّوُبان
تاللّه لست براجع عنكم وإنجذبتني الأعداء بالأرسان
حاشا وكلّا لا اُخالطهموإن ضربا دقيقا في رحى الطحّان
حسبي إلهي خالقي ربّي رؤوفيرازقي متعطّفي حنّاني
ثمّ الرسول المصطفى مع آلهأبواب علم اللّه والخزّان
ربّي لئن كانت ذنوبي جمّةتترى عظاما أوجبت خذلاني
فلقد هُديت البيت ثمّ أتيتهمن هذه الأبواب يا منّان
والآن قمت بباب عزّك سائلاًوأقول قول العاجز اللهفان :
يا عدّتي في شدّتي ، يامفزعي في روعتي ، يا من به اطمئناني
يا موئلي ومؤمّلي يا منعليه معوّلي في الصفح عن عصياني
يا من علا بجلاله يا من دنابفعاله العجّاب في الإتقان
بمحمّدٍ وبآله وبفضلهوكماله اجعَلْنِ في الغفران
واقبل بفضلك توبتي وأقِلْبجودك عثرتي وعثار من ربّاني
واعمم بذلك سائرالآباء والأبناء والإخوان والجيران


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
522

الرَّسُولِ وَإِلى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» 1 .
وهذا الاصطفاء والإيراث صار منشأ لأن يتصنّف الاُمّة ثلاثة أصناف :
صنف أعرضوا عن اتّباع المصطفين ، بل ظلموهم وغصبوا حقوقهم ، وأزالوهم في الظاهر عن مراتبهم التي رتّبهم اللّه فيها ، وفي الحقيقة ما ظلموهم ، بل كانوا أنفسهم يظلمون ؛ لحرمانهم إيّاها ما نظر اللّه تعالى لهم ، ولذلك سمّاهم اللّه بالظالم لنفسه .
وصنف تابعوا المصطفين ، واقتفوا أثرهم ، ولم يميلوا عنهم إلى جانبي الإفراط والتفريط ، أي الغلوّ والبغض ، بل كانوا على قصد الطريق ؛ ولذلك سمّاهم بالمقتصد.
وصنف المصطفون الذين سمّوا بالسابق بالخيرات ؛ لكونهم هم الفائزين بتشريف التقديم والإمامة ، الحائزين قصبات السبق في حلية الفضل والكرامة ، ولأنّهم سبقوا في علم اللّه بأهليّة الرياسة العظمى والزعامة الكبرى.
وسيجيء في باب أنّ الأئمّة عليهم السلام ورثوا علم النبيّ صلى الله عليه و آله وجميع الأنبياء عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام : «وأنّ في كتاب اللّه لآيات» إلى قوله : «إنّ اللّه يقول : «وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَا فِى كِتَابٍ مُبِينٍ» » 2 ، ثمّ قال : « «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» 3 فنحنُ الذين اصطفانا اللّه عزَّ وجلَّ ، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء» 4 .
فالحمد للّه الذي هدانا بتعليم مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام إلى ما هو الحقّ والصواب في هذه الآية .
وكنت قد قلت في سفري إلى مشهده عليه السلام قصيدة في مدحه، فرأيت أن أختم هذه الحاشية بها رجاءَ أن يشتهر بين الإخوان ، عسى أن تتوارث إلى أن تتشرّف بخدمة صاحب الزمان صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين ، والساعي في النشر شريك في الأجر :

1.فاطر (۳۵) : ۳۲ .

2.النساء (۴) : ۸۳ .

3.النمل (۲۷) : ۷۵ .

4.الكافي، ج ۱، ص ۲۲۶، ح ۷.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 129666
صفحه از 637
پرینت  ارسال به