533
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

فقال : «ليس هكذا تنزيلها ، إنّما هي : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ مِنَ الْمَرَافِقِ»۱ .
ومثل هذه العبارة ورد عنهم عليهم السلام في عدّة آيات ، وتوهّم جماعة من الأخباريّين في عصرنا أنّ المراد وقوع التحريف ، وليس الأمر على ما توهّموا ، بل المراد بتنزيل الآية ما جاء به جبرئيل عليه السلام من متعلّقاتها مثل أنّ ما اُريد فيها أو بها ولم يصرّح به لحكمة ومصلحة كيت وكيت .
ولنذكر في هذا الباب مثالاً يزيل عنك الارتياب :
روي الكليني في الحسن عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فدعا بطَسْت أو تَوْرٍ ـ الى أن قال : ـ ثمّ قال : «إنّ اللّه عزَّ وجلَّ يقول : «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ»۲ ، فليس له أن يَدَعَ شيئا من وجهه إلّا غَسَلَه ، وأمَرَ بغَسْل اليدين إلى المرفقين ، فليس له أن يَدَعَ شيئا من يديه إلى المرفقين إلّا غَسَلَه ؛ لأنّ اللّه يقول : «اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» » الحديث ۳ .
ذكر عليه السلام الظرف أوّلاً على نحو ما في الآية محتملاً للتعلّق ب «اغسلوا» أو بالعامل المقدّر ، ثمّ قدّمه على الغسل في التفريع ليتعيّن الاحتمال المقصود حيث قال : «فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلّا غسله» . فدلّ عليه السلام بهذا على أنّ التحديد في الآية للمغسول ، لا للغسل ، كأنّه تعالى يقول : اغسلوا أيديكم منتهية إلى المرافق ، لا مطلق ما يطلق عليه اليد ، حتّى يشمل بإطلاقها العضد أيضا . وعلى هذا يكون حكم أنّ الغسل من أين يبتدأ وإلى أين ينتهي ، غير مصرّح به في الآية ؛ يحتمل أن يكون من المرفق إلى رؤوس الأصابع أو بالعكس .
وما ورد في رواية الهيثم أنّ تنزيلها من المرافق معناه أنّ حكم الابتداء والانتهاء الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله من المرافق .
إذا تمهّد هذا فنقول : قوله عليه السلام : «ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما اُنزل»

1.المائدة (۵) : ۶ .

2.الكافي، ج ۳، ص ۲۸، باب حدّ الوجه الذي يغسل و...، ح ۵؛ تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۵۷، ح ۱۵۹؛ وسائل الشيعة، ج ۱، ص ۴۰۵، ح ۱۰۵۳.

3.الكافي، ج ۳، ص ۲۵، باب صفة الوضوء، ح ۵.


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
532

ناظر إلى قوله : «فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ»۱ وإشارة إلى أنّ سليمان عليه السلام لم يكن اُوتي فهمَ منطق الطير على الإطلاق ، بل يُفهّمه اللّه تعالى كلّما يشاء ، وكذلك عيسى عليه السلام لم يكن اُوتي القدرة على الإحياء كلّما أراد ، بل إذا جاء الإذن من اللّه تعالى ، كما في آل عمران : «وَأُحْىِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللّهِ»۲ ، وفي المائدة : «وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِى»۳ .
قوله : (وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد أُعطي القدرة۴على هذه المنازل) . [ح ۷ / ۶۰۷]
سياق الكلام يعطي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد اُعطي القدرة على فهم منطق الطير على الإطلاق ، أي غير مختصّ بطير دون طير ، ومنطق دون منطق ، وهو مُفاد أحاديثَ كثيرةٍ وردت في الواقعات ، وقوله تعالى : «هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»۵ ربما يُشعر بذلك .

[باب أنّ الأئمّة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت...]

قوله : (في حديث بُرَيْهٍ) . [ح ۱ / ۶۰۸]
في القاموس : «بُريه : مصغّر إبراهيم» ۶ .
قوله : (ما أوْثَقَنِي بِعِلْمِي) . [ح ۱ / ۶۰۸ ] فعل التعجّب .

[باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّة عليهم السلام و...]

قوله : (ما ادَّعى أحَدٌ من الناس أنّه جَمَعَ القرآنَ كلَّه كما اُنزل إلّا كذّابٌ) . [ح ۱ / ۶۱۰]
تحقيق معناه وتبيين مغزاه يستدعي تمهيد مقدّمة فنقول :
روى الهيثم التميمي ، قال : سألت أبا عبد اللّه صلى الله عليه و آله عن قول اللّه تعالى : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ»۷ ، فقلت : هكذا ، فمسحت من ظهر كفّي إلى المرفق ؟

1.الأنبياء (۲۱) : ۷۹ .

2.آل عمران (۳) : ۴۹ .

3.المائدة (۵) : ۱۱۰ .

4.في الكافي المطبوع: «يقدر» بدل «قد أعطي القدرة».

5.ص (۳۸) : ۳۹.

6.راجع: القاموس المحيط، ج ۴، ص ۷۹ (بره).

7.المائدة (۵) : ۶ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103472
صفحه از 637
پرینت  ارسال به