في ردائهم الذي خصّهم اللّه به من الرياسة العامّة والإمارة المطلقة وقيادة الاُمّة ، وعصوا اللّه تعالى فيما أوجب عليهم من سؤال أهل الذكر والسمع والطاعة لاُولي الأمر ، فعرضت البهمة من جهة اُولئك الظلمة، فأمرنا أئمّتنا عليهم السلام بالعمل بما يصل إلينا منهم عليهم السلام على وجه التسليم والانقياد بعد التحرّي ورعاية الاحتياط إلى زمان الفرج :
خروج إمام لا محالة خارجيقوم على اسم اللّه والبركات
فنحن مجتهدون بالاجتهاد اللغوي ، لا ما اصطلح عليه المصوّبة والمخطّئة من استفراغ الوسع لتحصيل الظنّ عن الأدلّة التي من جملتها القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وإجماع أهل الحلّ والعقد في عصر على أمر ليس فيه كتاب أو سنّة ، فمَثَلنا مثل من حبسه ظالم في سجن لا يتيسّر فيه معرفة أوقات الصلوات وجهة القبلة وأمثالهما .
قوله : (فإيّاك أن يَنْطِقَ لسانُك عند مَسْألتي بأمرٍ تُضْمِرُ لي غيرَه) . [ح ۱ / ۶۴۵]
يعني إيّاك أن تجيبني عند مسألتي بجواب هو أحد رأييك في تلك المسألة ، وتضمر جوابا آخر مقابلاً له، معتقدا بأنّ لك أن تجيب بذلك أيضا ؛ لأنّ كلّاً منهما يصدق عليه أنّه رأي المجتهد، ورأي المجتهد حكم اللّه ، ولهذا ترى أهل الضلال يذكرون في كتبهم الفقهيّة : هذا أحد قولَيْ أبي حنيفة ، وهذا قول الشافعي القديم ، ولأبي يوسف في ذلك قولان ، وأمثال هذه العبارات ، ولأجل صحّة العمل بكلٍّ لا يغيّرون ما في الكتاب السابق ، بل يقولون : إنّه لا ترجيح لأحدهما على الآخر ؛ فإنّهما حكم اللّه تعالى في الواقع ـ بناء على أصل التصويب ـ وأمران مستفرغ لهما الوسع في طلب ما آتاهم اللّه تعالى ليجول فيه الأفكار، بناء على أصل التخطئة .
فقوله عليه السلام : «إنّما يَفْعَلُ ذلك مَنْ في قلبهِ عِلْمان» أي رأيان مخالفان في مسألة واحدة من مسائل الحلال والحرام، وليعلم أنّ الفرقة الناجية وإن كانت فتاواهم أيضا مختلفة وقد يفتي واحد منهم في كتاب بفتوى وفي كتاب آخر باُخرى ، إلّا أنّهم معترفون بأنّ ذلك من باب الاضطرار الناشئ من عدم تمكّن الإمام العالم بجميع أحكام اللّه تعالى في