وقوله عليه السلام : «أي واللّه » تأكيد لإخباره عليه السلام بأنّ هذا منها، ولا يلزم أن يكون بإزاء احتمال تردّد من السامع ، وهذا شائع بين بلغاء العجم أيضا، ولا أظنّك ترتاب في صحّة قول القائل بعد أن أخبر بأمر مستبعد : أي وربّ الكعبة إنّ ذلك لكما أخبرت ، نعم يستعمل اللفظة عند السؤال أيضا ، ولا يقتضي ذلك الحصر .
ورأيت نسخة عتيقة من الكافي كان فيها خطّ شيخنا البهائي وخطّ مولانا محمّد تقيّ بن المجلسي وخطّ مولانا عبد اللّه التستري ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ لم يكن فيها لفظتا «قال» و «أي» والنسخة عند الأخ في اللّه محمّد عليّ بن التوشمال باشي .
قوله : (إنّ اللّه عزَّ وجلَّ يقول) إلى آخره . [ح ۱ / ۶۴۵]
ابتدأ عليه السلام بتعليم سدّ باب المفرّ عن سؤال أهل الذكر عليهم السلام على هؤلاء الكفرة حيث يقولون : إنّ الأحكام ما كان منها من ضروريّات الدين فليست ممّا يحتاج إلى السؤال ، وما كان من الاجتهاديّة فنجتهد فيه ، فكلّ ما استقرّ عليه رأينا فهو الحكم الواقعي بناء على أصل التصويب ، فيُقال لهم : إنّ اللّه تعالى قد أخبر في سورة القدر بأنّ الملائكة تنزّل في ليلة القدر على رسوله صلى الله عليه و آله بإذن ربّهم من كلّ أمر ؛ يعني من كلّ أمر يفرق في تلك الليلة بدلالة قوله تعالى في سورة الدخان : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ» إلى قوله : «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ»۱ فهل كان لرسول اللّه صلى الله عليه و آله علم لم ينزل عليه في تلك الليلة ولا في غيرها؟ على أنّ قوله عليه السلام : «يأتيه» عطف على «يعلمه» أي هل كان يعلم شيئا من صفته إحدى السالبتين، أو لم يكن يعلم إلاّ شيئا من صفته أنّه يعلمه في ليلة القدر بتنزّل الملائكة والروح ، أو من صفته أنّه يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غير تلك الليلة .
والحاصل أنّه هل كان جميع ما علمه صلى الله عليه و آله من علوم الحلال والحرام والقضايا والأحكام تعليماتٍ اُوتي بها صلى الله عليه و آله من عند اللّه تعالى ، أو كان بعضها من رأيه وهواه؟ فسيقولون : لا ، أي لا يستطيعون أن يقولوا : نعم ، فيكونوا مثبتين له علما نشأ من رأيه