549
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

أولياؤهم الطاغوت ، وفي زمرة الكفّار والأئمّة الذين يدعون إلى النار يصلونها فبئس القرار .
أقول : في هذا الموضع ردّ على المخطّئة ، كما أشرنا إليه سابقا ؛ فتبصّر .
قوله : (ثمّ وَقَفَ) . [ح ۱ / ۶۴۵]
عطف على : «قال : إنّ شيعتنا» يعني قال أبي عليه السلام للرجل : كيت وكيت ، ثمّ وقف ، فقال الرجل : يا ابن رسول اللّه ، إلى آخره .
قوله :«لِكَيْلَا تَأْسَوْا»۱. [ح ۱ / ۶۴۵]
هذه تتمّة آية في سورة الحديد أشار إليها سابقا ، حيث قال : «اشهد» إلى آخره ، وهي هذه : «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ»۲ ولعلّ الإشارة إلى الجزء الأوّل تمهيد للسؤال عن الجزء الثاني الذي ورد شطر منه فيهم عليهم السلام ، وشطر آخر في غاصبي حقوقهم .
وربما يختلج ببال من لا معرفة له بضروب أساليب كلام البلغاء أنّه كيف يكون آية واحدة مشتملةً على خطأ بيّن كلّ منهما لجماعة ، وبسبب هذا الاختلاج لا يطمئنّ قلبه في تصديق هذا الحديث ؛ فلنذكر لأجل اطمئنان قلوب المؤمنين ما ذكره السيّد الجليل غوّاص بحار الفضل ، نقّاد فنون العلم ، المرتضى الملقّب بعلم الهدى في كتاب تنزيه الأنبياء في قوله تعالى : «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ»۳ :
إنّ الكناية في قوله : «جعلا» غير راجعة إلى آدم وحوّا ، بل إلى الذكور والإنات من أولادهما ، وإلى جنسين ممّن أشرك من نسلهما ، وإن كانت الكناية الاُولى تتعلّق بهما ، و

1.الحديد (۵۷) : ۲۳ .

2.الحديد (۵۷): ۲۲ ـ ۲۳.

3.الأعراف (۷) : ۱۸۹ ـ ۱۹۰ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
548

واستلزام هذا تنزّل الملائكة والروح في كلّ سنة ؛ إن قالوا : لا يرسل اللّه إلّا إلى نبيّ ، كان هذا إنكار النتيجة بعد ثبوت مباديها ، فليس صالحا للالتفات إلى جوابه ، ولهذا أعرض الإمام عليه السلام عنه وجاء من جانب آخر . وأضرب عن الأوّل فقال : إنّ صريح الآية أنّ الملائكة تنزل في ليلة القدر بما يفرق فيها من الأحكام ، فهذا التنزّل أمِن سماء إلى سماء ، أم من سماء إلى أرض ؟ لا مجال للأوّل ؛ إذ ليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية حتّى تتنزّل الملائكة بما فرق في ليلة القدر من حكمه ، فتعيّن الثاني ، وإذ لم يقرّوا بتعدّد النزول حسب تجدّد السنة ، وقالوا إنّما نزلت الملائكة والروح بتفاصيل أحكام العباد إلى الرسول فحسب ، ومنه وصل إلينا ، فيُقال لهم : لا تستطيعون أن تجحدوا أنّ كثير ما وصل إليكم منه صلى الله عليه و آله بحيث يقبل التشاجر والتنازع ، فهل بدّ من سيّدٍ تتحاكمون إليه ؟ إلى آخره .
أقول : في قوله : «ليس أحد في السماء يرجع من طاعة إلى معصية» . نصّ علم أنّ العلم الذي فيه الكلام علم الحلال والحرام والقضايا والأحكام .
قوله : (فقل :«اللّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا»)۱. [ح ۱ / ۶۴۵]
الغرض من إيراد هذه الآية أنّ اللّه تعالى يخرج من كان في علمه من أهل الإيمان من ظلمات الغواية إلى نور الهداية وهو وليّهم ، ومن كان في علمه كافرا يتبع الطاغوت فيقع في ظلمات الغواية والطواغيت أولياء أمثاله ، وفي غريزة العقول الصحيحة أنّ من كان اللّه وليّه وهداه الصراط المستقيم لا يحكم فيما لم يعلم ، ولا يخطي?فيما يحكم ، ومن كان الطاغوت وليّه وأدخله في بيداء الضلال لا يبالي بالحكم فيما لم يعلم إذا رآه على وفق هواه ، فهل الخليفة الذي قلتم إنّه حَكَمُكم ممّن يجوز عليه الخطأ في الحكم ، أم لا ؟
فإن كان الأوّل ، فهو محتاج إلى تسديد مَن لا يجوز عليه الخطأ ، فالحَكَم الحقّ والوالي المطلق هو ذاك ، لا هذا . وإن كان الثاني ، فهو من التائهين الحائرين الذين

1.البقرة (۲) : ۲۵۷ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127853
صفحه از 637
پرینت  ارسال به