وقول الصادق عليه السلام : (يقول : تُسَلِّمُ عليك يا محمّد ملائكتي وروحي بسلامي) [ح ۴ / ۶۴۸] إلى آخره ، يعطي ذلك ؛ فالتقدير : عليك سلام ، و أصله يسلّمون سلاما .
وقوله :«هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ». يعني الليلة تجري على ظرفيّة التسليم إلى طلوع الفجر .
وقال البيضاوي : « «سَلَامٌ هِيَ» ما هي إلّا سلامة ، أي ما يقدّر اللّه فيها إلّا السلامة ، ويقضي في غيرها السلامةَ والبلاء ، أو ماهي إلّا سلام ؛ لكثرة ما يسلّمون فيها على المؤمنين» ۱ . وتفسير الصادق عليه السلام يشهد لما قلناه .
وفي دعاء شهر رمضان من الصحيفة الكاملة : «ثمّ فضَّلَ ليلةً واحدةً من لياليه على ليالي ألفِ شهرٍ ، وسمّاها ليلة القدر ، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلِّ أمرٍ سلامٌ دائمُ البركة إلى طلوع الفجر على من يشاءُ مِنْ عِباده بما أحْكَمَ من قضائه» ۲ .
ومقتضى هذه العبارة الشريفة أيضا الوقف على الأمر ، وكون سلام مبتدأً محذوفَ الخبر ؛ فتدبّر .
قوله :«وَ اتَّقُوا فِتْنَةً»۳. [ح ۴ / ۶۴۸]
أي بَليّة . وقيل : ذنبا . وقيل : عذابا . وقيل : هو إقرار المنكر بين أظهركم .
وقوله :«لَا تُصِيبَنَّ». [ح ۴ / ۶۴۸] لا يخلو أن يكون جوابا لأمر ، أو نهيا بعد أمر معطوفا عليه بحذف الواو صفة للفتنة ، فإذا كانت جوابا فالمعنى : إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصّة ولكن تعمّكم ، وإنّما جاز دخول النون في جواب الأمر ؛ لأنّ فيه معنى النهي كما تقول : أنزل عن الدابّة لا تطرحنّك ، ويجوز : لا تطرحنْك ، وإذا كان نهيا بعد أمر فكأنّه قيل : واحذروا بليّة أو ذنبا أو عقابا ، ثمّ قيل : لا تتعرّضوا للظلم فتصيب البليّة أو العذاب أو أثر الظلم ووباله مَن ظلم منكم خاصّة . وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول ، كأنّه قيل : واتّقوا فتنة مقولاً فيها لا تصيبنّ ، ونظيره قول الشاعر :
حتّى إذا جنّ الظلام واختلطجاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قطّ۴