555
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

وقول الصادق عليه السلام : (يقول : تُسَلِّمُ عليك يا محمّد ملائكتي وروحي بسلامي) [ح ۴ / ۶۴۸] إلى آخره ، يعطي ذلك ؛ فالتقدير : عليك سلام ، و أصله يسلّمون سلاما .
وقوله :«هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ». يعني الليلة تجري على ظرفيّة التسليم إلى طلوع الفجر .
وقال البيضاوي : « «سَلَامٌ هِيَ» ما هي إلّا سلامة ، أي ما يقدّر اللّه فيها إلّا السلامة ، ويقضي في غيرها السلامةَ والبلاء ، أو ماهي إلّا سلام ؛ لكثرة ما يسلّمون فيها على المؤمنين» ۱ . وتفسير الصادق عليه السلام يشهد لما قلناه .
وفي دعاء شهر رمضان من الصحيفة الكاملة : «ثمّ فضَّلَ ليلةً واحدةً من لياليه على ليالي ألفِ شهرٍ ، وسمّاها ليلة القدر ، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلِّ أمرٍ سلامٌ دائمُ البركة إلى طلوع الفجر على من يشاءُ مِنْ عِباده بما أحْكَمَ من قضائه» ۲ .
ومقتضى هذه العبارة الشريفة أيضا الوقف على الأمر ، وكون سلام مبتدأً محذوفَ الخبر ؛ فتدبّر .
قوله :«وَ اتَّقُوا فِتْنَةً»۳. [ح ۴ / ۶۴۸]
أي بَليّة . وقيل : ذنبا . وقيل : عذابا . وقيل : هو إقرار المنكر بين أظهركم .
وقوله :«لَا تُصِيبَنَّ». [ح ۴ / ۶۴۸] لا يخلو أن يكون جوابا لأمر ، أو نهيا بعد أمر معطوفا عليه بحذف الواو صفة للفتنة ، فإذا كانت جوابا فالمعنى : إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصّة ولكن تعمّكم ، وإنّما جاز دخول النون في جواب الأمر ؛ لأنّ فيه معنى النهي كما تقول : أنزل عن الدابّة لا تطرحنّك ، ويجوز : لا تطرحنْك ، وإذا كان نهيا بعد أمر فكأنّه قيل : واحذروا بليّة أو ذنبا أو عقابا ، ثمّ قيل : لا تتعرّضوا للظلم فتصيب البليّة أو العذاب أو أثر الظلم ووباله مَن ظلم منكم خاصّة . وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول ، كأنّه قيل : واتّقوا فتنة مقولاً فيها لا تصيبنّ ، ونظيره قول الشاعر :

حتّى إذا جنّ الظلام واختلطجاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قطّ۴

1.الصحيفة السجّاديّة، ص ۱۸۶، الدعاء ۴۴.

2.أنوار التنزيل، ج ۵، ص ۵۱۴.

3.الأنفال (۸) : ۲۵ .

4.اُنظر: الكشّاف، ج ۲، ص ۱۵۲.


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
554

إلى قوله تعالى : «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَىْ ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللّهِ»۱ .
وغرضه من إيراد هذا الكلام أنّ الآية تدلّ على أنّا إذا اختلفنا في مسألة فيجب أن نرجع إلى اللّه ، أي نطلب الحكم من كتابه لا أن نرجع إلى من يدّعي أنّ الاُمور تفرق في ليلة القدر ويتنزّل بها الملائكة إلى وليّ الأمر .
وقوله عليه السلام : (فهل حَكَمَ اللّه في حُكْم...) . [ح ۲ / ۶۴۶]
معناه أنّك تجده في كثير من الوقائع يرجع المتخالفان فيها إلى القرآن ، وكلّ منهما يستدلّ على مطلوبه ، فكيف يكون القرآن حَكَما بدون قيّم يعلم من مجملات القرآن ما يحدث الاحتياج إليه في كلّ سنة بتفصيل يتنزّل به في ليلة القدر التي لتلك السنة .
قوله : (لأنّها«تَنَزَّلُ»فيها) . ـ إلى ـ«بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ». [ح ۴ / ۶۴۸]
في سورة الشعراء: «وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَ ما يَنْبَغِى لَهُمْ وَ مَا يَسْتَطِيعُونَ إنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ»۲ . وقبيل هذه الآية : «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»۳ ، ويستفاد من هذه الآيات أنّ الباء في «بِإذْنِ رَبِّهِمْ» للتعدية أو للمصاحبة ، والإذن والمأذون المرضيّ صدوره عن المعصوم المنزّل عليه ، وأنّ «على من يشاء» في قول سيّد الساجدين عليه السلام في دعاء شهر رمضان ۴ متعلّق بتنزّل ، أو به وبسلام على سبيل التنازع ، و «مِنْ كُلِّ أَمْرٍ» حال للإذن ، فتدبّر .
قوله :«سَلَامٌ هِىَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ»۵. [ح ۴ / ۶۴۸]
نصّ على الوقف على الأمر ، كما هو مقتضى رعاية الفواصل ، فلا تصنع إلى قول المخالف ، و «سلام» مفعول مطلق ؛ إذ الأصل يسلم الملائكة سلاما ، عدل إلى الرفع لإفادة الدوام والثبات ، كما قال القاضي في قوله تعالى في الذاريات : «قالَ سَلَامٌ»۶ .

1.الشورى (۴۲) : ۱۰ .

2.الشعراء (۲۶) : ۲۱۰ ـ ۲۱۳.

3.الشعراء (۲۶) : ۱۹۲ ـ ۱۹۵ .

4.الصحيفة السجّاديّة، ص ۱۸۶، الدعاء ۴۴.

5.القدر (۹۷) : ۵ .

6.الذاريات (۵۱) : ۲۵.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127503
صفحه از 637
پرینت  ارسال به