559
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

بها لعذّبهم في الدنيا وأهلكهم كافّة ، وذلك ليعذّبهم في الآخرة عذابا أليما بسبب جحودهم وإنكارهم إيّاها ، وذلك الدفع أو كمال عذاب الآخرة لمن علم اللّه تعالى أنّه لا يتوب عن إنكاره ولا يرجع عنه إلى الإيمان بها ، وهذا الدفع مثل ما يدفع اللّه بالمجاهدين في سبيله [عن القاعدين ]هلاكهم بسيوف المشركين أو بعقوبته ۱ .
أقول : قوله طاب ثراه : «وذلك الدفع» يعني ذلك الدفع المعلّل بأنّه لكمال عذاب الآخرة ، لا مطلق الدفع ؛ إذ لا اختصاص له بكونه لمن يعلم أنّه يتوب .
قوله : (فما يَحْدُثُ لهم في ليالي القَدْرِ عِلْمٌ) اِلى آخره . [ح ۸ / ۶۵۲]
على تقدير همزة الاستفهام ، أي أفما يحدث لهم علم غير ما علموا ؛ فالفاء للتعقيب ، أو على سبيل الاستشكال ، أي فعلى هذا لا يحدث لهم غير ما علموا ، وهو محال ، فالفاء للتفريع .
وكيف كان ، يكون المراد بقوله عليه السلام : (هذا ممّا اُمروا بكتمانه) أنّ جواب هذا السؤال أو ممّا ينحلّ به الإشكال ممّا اُمر الأوصياء عليهم السلام بكتمانه وعدم إظهاره لأمثالكم .
وفي لفظ الكتمان دلالة على علمهم بذلك ، ولا تنافي بينه وبين قوله صلى الله عليه و آله : (ولا يَعْلَمُ تَفسيرَ ما سألتَ عنه إلّا اللّهُ) إذ المقصد أنّ كشف هذا المسؤول ليس ممّا يتيسّر بالعقول ، بل إنّما هو بالتعليم الإلهي ؛ إذ لا يعلم ذلك إلّا اللّه ، كما أنّ تأويل القرآن لا يستتبّ بالعقول ؛ إذ لا يعلمه إلّا اللّه أو الذين علّمهم اللّه من الراسخين في العلم .
وبهذا يظهر وجه الجمع بين الوقف في آية «مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ»۲ على اللّه ، كما دلّ عليه بعض خطب أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ۳ و توحيد الصدوق ۴ طاب ثراه ، وبين الوقف على الراسخين في العلم ، كما دلّت عليه روايات الكليني طاب ثراه ۵ ، وقد بيّنّا ذلك في كتاب العقل في شرح رواية هشام بن الحكم ، وقد كتب في هذا المقام بعض المشتغلين إليّ ما هذه عبارته :
في قوله : «قال السائل : فما يحدث» إلى آخره ، يحتمل الكلام أن يكون استفهاميا أو

1.شرح اُصول الكافي للمازندراني، ج ۶ ، ص ۱۷.

2.آل عمران (۳) : ۷.

3.نهج البلاغة، ص ۲۰۱، الخطبة ۱۴۴.

4.التوحيد، ص ۵۳، ح ۱۳.

5.راجع: الكافي، ج ۱، ص ۲۱۳، باب أنّ الراسخين في العلم هم الأئمّة عليهم السلام .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
558

في المغرب :
البعث : الإثارة . يقال : بعث الناقة فانبعثت ، أي أثارها فثارت ونهضت . وبعثه : أرسله ، ومنه : ضُرب عليهم البعث ، أي عُيّن عليهم ، واُلزموا أن يبعثوا إلى الغزو ، فقد يسمّى الجيش بعثا لأنّه يبعث ، ثمّ يجمع فيُقال : مرّت عليهم البعوث ، أي الجيوش ۱ .
قوله : (إلّا أن تكون عليهم حجّة) . [ح ۷ / ۶۵۱]
أي لا يقوم ولا ينهض هؤلاء الكرام ـ الذين هم أهل ليلة القدر مدّعين لعلم ما يأتيهم في تلك الليلة ـ إلّا بعد أن يكون للّه عليهم حجّة في صدق ذلك ، على سياق قوله تعالى : «لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ»۲ ، فتدبّر .
والحاصل أنّه لا يستطيع هؤلاء الاُمناء الشكّ فيما يأتيهم ؛ لأنّ قيامهم مدّعين لعلم ذلك بعد أن يكون للّه عليهم حجّة ، أي لا يمكنهم تجويز وقوع الغلط فيه ؛ لظهور موجبه الذي هو تحديث الملائكة والروح ، ف «يكون» تامّةٌ ، و «ما» عبارة عن الملائكة والروح وتحديثهم ، والباء في «بما» صلة الاحتجاج ، يقال : احتجّ اللّه على خلقه برسله ، فالظرف متعلّق بالحجّة على أنّها مصدر . ويمكن أن يكون الحجّة عبارة عن الملك ، والباء للمصاحبة ، وتأتيهم بالتاء ، وفاعله المستكنّ العائد إلى الحجّة وعائد الموصول محذوفا ؛ لكونه فضلة أعني به ، فتدبّر .
قوله :«كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ». [ح ۷ / ۶۵۱]
في سورة النور بعد قوله تعالى : «مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْئا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»۳ .
قوله : (إنّ اللّهَ عزَّ وَجلَّ لَيَدْفَعُ بالمؤمنينَ) إلى آخره . [ح ۷ / ۶۵۱]
قال الفاضل الصالح الشارح :
يعني أنّ اللّه تعالى ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها عذاب الدنيا ، ولولا المؤمنون

1.المغرب، ص ۴۶ (بعث).

2.النساء (۴) : ۱۶۵.

3.النور (۲۴) : ۵۵ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126851
صفحه از 637
پرینت  ارسال به