573
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

ليس قوم لم يبعث إليهم كيلا يستطيعوا؛ «لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْ لَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى»۱ .
قوله : (فقال اللّه جلّ ذكره :«وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ»؛«وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ») . [ح ۳ / ۷۶۸]
هذا الترتيب بعينه ليس في القرآن ، نعم ذكر «وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ» في سورتين :
الاُولى سورة حجر ، قال تعالى : «لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ إِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلَها آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ»۲ .
الثانية : سورة النحل ، قال تعالى : «وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَا بِاللّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِى ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ»۳ ، وليس «وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ» في غير هذين الموضعين .
وقوله : «وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ»۴ [ح 3 / 768] في سورة الزخرف ليس إلّا قال تعالى : «وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ»۵ .
فمقصود الإمام عليه السلام ذكر ما التقط من القرآن ممّا ورد في نصب أمير المؤمنين عليه السلام ، وتسلية نبيّه صلى الله عليه و آله عن حزنه على الجاحدين المكذّبين ، وتقوية قلبه بكفاية المستهزئين ؛ فتبصّر واحمد مولاك على ما أولاك .
قوله : (يُعَرِّضُ بِمَنْ رَجَعَ [يُجَبِّنُ أصحابه]) . [ح ۳ / ۷۶۸]
هو عمر ؛ إذ هو المبعوث إلى غزوة أهل خيبر قبل أمير المؤمنين عليه السلام و فرّ منهم .

1.طه (۲۰) : ۱۳۴ .

2.الحجر (۱۵) : ۸۸ ـ ۹۹ .

3.النحل (۱۶) : ۱۲۷ .

4.الزخرف (۴۳) : ۸۹ .

5.الزخرف (۴۳) : ۸۸ ـ ۸۹ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
572

وقلّتهم ، أو لكثرة منابذتهم وقوّتهم كقريش ؛ فإنّهم كانوا إذا رأوا شوكة في أعادي حلفائهم نقضوا عهدهم «إِنَّمَا يَبْلُوَكُمُ اللّهُ بِهِ» الضمير لأن تكون اُمّة ؛ لأنّه بمعنى المصدر ، أي يختبركم بكونهم أربى لينظر أتتمسّكون بحبل الوفاء بعهد اللّه وبيعة رسوله، أو تغترّون بكثرة قريش وشوكتهم وقلّة المؤمنين ۱ ؟
أقول : المعنى على ما في الحديث : لا تكونوا كالناقضة لغزلها بعدما اُبرمت، فتنقضوا بيعتكم للنبيّ صلى الله عليه و آله أن تقبلوا كلّ ما يجيء به ، وقد أبرمتم وأحكمتم تلك البيعة بالعهود والأيمان ، فإذا جاءكم بالولاية وقال : مَن كنتُ أولى به من نفسه ، وحكمي عليه أنفذَ عليه ، وأحقَّ بالقبول من حكم هواه ، فهذا على مثلي وبمنزلتي بالنسبة إليه ، نكصتم على أعقابكم ونقضتم عهودكم وبيعتكم ، واتّخذتم أيمانكم التي أتيتم بها حين بيعة النبيّ في قبول كلّ ما يجيء به دخلاً فاسدا باطلاً لأن سمعتم أنّ أئمّة ـ وهم آل الرسول ـ أزكى وأولى بالإمامة من أئمّتكم التي تهوونهم ، وكان في نيّتكم أن تنصبوهم وتجعلوا الأمر لهم ، إنّما يبلوكم اللّه بكون أئمّة أزكى من أئمّتكم ، أي بإنزال الولاية ليعلم من يطيعه في أمرها ومن يعصيه ومن يختار مزكّى اللّه على مزكّى هواه ، وأين هم من التزكية ، وقد قال تبارك وتعالى : «فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى»۲ ولعمري إنّ هذا القول من اللّه نصّ قاطع على امتناع الإمامة بالاختيار ، بل هو بإخبار من هو عالم بالأسرار .
قوله : (في المُسْتَحْفَظينَ) . [ح ۳ / ۷۶۸] بفتح الفاء .
في الأساس : «استحفظته سرّا ۳ ». وفي التنزيل: «بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللّهِ»۴ .
قوله : ([أسْلَمَ له]العَقِبُ من المستحفِظين) . [ح ۳ / ۷۶۸]
في القاموس : «العقب : الولد ، وولد الولد ، كالعقب ككتف» ۵ .
قوله : (ولم يُبْعَثْ إليهم نبيٌّ) . [ح ۳ / ۷۶۸]
أي على أن تمكن من التعيّش بينهم وتأديبهم بآداب اللّه تعالى ، وإنّما قلنا ذلك إذ

1.أنوار التنزيل، ج ۳، ص ۴۱۷.

2.النجم (۵۳) : ۳۲.

3.أساس البلاغة، ص ۱۳۳ (حفظ).

4.المائدة (۵) : ۴۴ .

5.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۰۶ (عقب).

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 127269
صفحه از 637
پرینت  ارسال به