الثلاثة دليل لأحكام الشرع قسيمٌ للكتاب ، فكما أنّه يتميّز الخبر بموافقة الكتاب ، كذلك يتميّز بموافقة الرأي والقياس والاستحسان . والمصنّف ـ طاب ثراه ـ أراد بقوله : «لايجوز تمييز شيء ممّا اختلفت الرواية فيه برأيه» هذا النوعَ من التمييز ، ونظره إلى أبي حنيفة وأمثاله.
وقوله : «إلّا على ما أطلقه العالم عليه السلام بقوله» ثمّ تعداد الوجوه المذكورة قصر إضافي لا حقيقي بشهادة أنّه ـ طاب ثراه ـ زاد عليها في باب اختلاف الحديث ، فما ذكر هاهنا على سبيل التمثيل، وأوسعيّة العمل بأيّما أخذتم ظاهر .
وأمّا توجيه أحوطيّته مع التمكّن من بعض وجوه الترجيح ، فبعد ذكر ما وصل إلينا عنهم عليهم السلام في أمر الترجيح فنقول : إنّ جميع ما ورد في هذا الباب منحصر في قسمين :
قسم يفيد استعمال العلم بصدق متضمّن أحد الخبرين المعارضين وكذب الآخر ، وقسم لا يفيد استعماله العلم ؛ عسى أن يفيد بعض أصنافه الظنّ .
والأوّل مثل العَرْض على آية من القرآن عُلم مراد اللّه بها من جهة ، كما في ضروريّ دين الإسلام ، مثل آية : «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَـمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَـنِ فَاجْتَنِبُوهُ»۱ ، أو ضروريّ مذهب أهل البيت عليهم السلام ، مثل آية : «وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ»۲ ، وهذا هو المراد فيما يأتي من قول النبيّ صلى الله عليه و آله : «ما يوافق القرآن فأنا قلته ، وما يخالف القرآن فلم أقله» . ۳ وفي حديث آخر «فهو زخرف» . ۴
وفي حكم العَرْض على الآية الموصوفة العرضُ على السنّة إذا كانت بالوصف المذكور ، سواءً كانت حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله أو حديث أحد من الأئمّة عليهم السلام .
وأمّا آية أو حديث لم يعلم المراد بهما، ولكن كان ظاهرا في معنى، فالعرض للاعتضاد وحصول الاطمئنان . وكذا الأمر في سائر الوجوه المأثورة ، مثل أخذ مخالف العامّة . كذا قيل .