أماراتٍ ظنّ أقوى بكثير من الظنّ الحاصل بالشهادة لم يفعل ذلك .
وقد ذكر الاُصوليّون وجوها كثيرة لترجيح أحد الخبرين المختلفين على الآخر، واعترف المحقّقون أنّ أكثرها ليس له مأخذ شرعيّ .
وممّا ذكره العلّامة ـ قدّس اللّه روحه ـ في مبادئ الاُصول أنّ خبر المشهور بالرئاسة أرجح من خبر غيره . ۱
وفي الشرح : سواء شهرته لمنصبه أو لنسبه ؛ لأنّ احترازه عمّا يوجب نقصَ منزلته المشهورة يكون أكثر ، ولذلك كان عليّ عليه السلام يحلّف الراوي ، ويقبل رواية أبي بكر بلا يمين. ۲
قال العلّامة : والناقل عن حكم الأصل راجحٌ على المقرّر ، وقيل بالعكس . ۳
وفي الشرح : إذا كان أحد الخبرين مخالفا لحكم الأصل والآخَر موافقا له ، كان المخالف راجحا ، وهو قول جمهور الاُصوليّين ؛ لأنّ الشارع إنّما يحتاج إليه ليعرّفنا ما لم تستقلّ عقولنا بإدراكه ، لا ما كان لعقولنا دلالة عليه . وقيل : بل كان الموافق راجحا ؛ لكونه معتضَدا بالأصل . ۴
قال العلّامة : المشتمل على الحظر راجحٌ عند الكرخي . ۵
وفي الشرح : إذا كان حكم أحد الدليلين الحظرَ والآخرَ الإباحةَ ، فعند الكرخي وأحمد بن حنبل والرازي من أصحاب أبي حنيفة تقديم دليل الحظر ، وعند أبي هاشم [وعيسى بن أبان] تساويا وتساقطا . لنا : أنّ الأصل لا يؤمَن معه الوقوعُ في المآثم ، فيكون مرجوحا . ۶
أقول : أمثال هذه الاعتبارات أكثر من أن تنتهي إلى حدّ ، وما ذكرنا للعبرة .
ولنذكر أصناف القسم الثاني :
الصنف الأوّل : ما ورد في جواز الأخذ بأيّهما شاء ؛ في كتاب الاحتجاج في آخر
1.مبادي الوصول إلى علم الاُصول ، ص ۲۳۵ .
2.غاية البادي في شرح المبادي للشيخ محمّد بن عليّ الجرجاني الغروي، تلميذ العلاّمة ، ص ۲۳۳ .
3.مبادي الوصول إلى علم الاُصول ، ص ۲۳۷ .
4.غاية البادي في شرح المبادي ، ص ۲۳۴ .
5.غاية البادي في شرح المبادي ، ص ۲۳۷ .